responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 18



برئت من المنازل و القباب فلم يعسر على أحد حجابي
فمنزلي الفضاء و سقف بيتي سماء اللّٰه أو قطع السحاب
فأنت إذا أردت دخلت بيتي على مسلما من غير باب
لأني لم أجد مصراع باب يكون من السماء إلى التراب
و لا انشق الثرى عن عود تخت أؤمل أن أشد به ثيابي
و لا خفت الإباق على عبيدي و لا خفت الرهاص على دوابي
و لا حاسبت يوما قهرمانا فأخشى أن أغلت في الحساب
ففي ذا راحة و بلاغ عيش فدأب الدهر ذا أبدا و دأبي
كان خالنا أبو مسلم الخولاني رحمه اللّٰه من أكابرهم كان يقوم الليل فإذا أدركه العياء ضرب رجليه بقضبان كانت عنده و يقول لرجليه أنتما أحق بالضرب من دابتي أ يظن أصحاب محمد صلى اللّٰه عليه و سلم أن يفوزوا بمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم دوننا و اللّٰه لازاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا لقينا منهم جماعة كثيرة ذكرناهم في كتبنا و رأينا من أحوالهم ما تضيق الكتب عنها

[الزهاد الذين تركوا الدنيا عن قدرة]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الزهاد و هم الذين تركوا الدنيا عن قدرة و اختلف أصحابنا فيمن ليس عنده بيده من الدنيا شيء و هو قادر على طلبها و جمعها غير أنه لم يفعل و ترك الطلب فهل يلحق بالزهاد أم لا فمن قائل من أصحابنا إنه يلحق بالزهاد و من قائل لا زهد إلا في حاصل فإنه ربما لو حصل له شيء منها ما زهد فمن رؤسائهم إبراهيم بن أدهم و حديثه مشهور و كان بعض أخوالي منهم كان قد ملك مدينة تلمسان يقال له يحيى بن يغان لو كان في زمنه رجل فقيه عابد منقطع من أهل تونس يقال له أبو عبد اللّٰه التونسي كان بموضع خارج تلمسان يقال له للعباد كان قد انقطع بمسجد يعبد اللّٰه فيه و قبره مشهور بها يزار فبينا هذا الصالح يمشي بمدينة تلمسان بين المدينتين أقادير و المدينة الوسطى إذ لقيه خالنا يحيى بن يغان ملك المدينة في خوله و حشمه فقيل له هذا أبو عبد اللّٰه التونسي عابد وقته فمسك لجام فرسه و سلم على الشيخ فرد عليه السلام و كان على الملك ثياب فاخرة فقال له يا شيخ هذه الثياب التي أنا لابسها تجوز لي الصلاة فيها فضحك الشيخ فقال له الملك مم تضحك قال من سخف عقلك و جهلك بنفسك و حالك ما لك تشبيه عندي إلا بالكلب يتمرغ في دم الجيفة و أكلها و قذارتها فإذا جاء يبول يرفع رجله حتى لا يصيبه البول و أنت وعاء مليء حراما و تسأل عن الثياب و مظالم العباد في عنقك قال فبكى الملك و نزل عن دابته و خرج عن ملكه من حينه و لزم خدمة الشيخ فمسكه الشيخ ثلاثة أيام ثم جاءه بحبل فقال له أيها الملك قد فرغت أيام الضيافة قم فاحتطب فكان يأتي بالحطب على رأسه و يدخل به السوق و الناس ينظرون إليه و يبكون فيبيع و يأخذ قوته و يتصدق بالباقي و لم يزل في بلده ذلك حتى درج و دفن خارج تربة الشيخ و قبره اليوم بها يزار فكان الشيخ إذا جاءه الناس يطلبون أن يدعو لهم يقول لهم التمسوا الدعاء من يحيى بن يغان فإنه ملك فزهد و لو ابتليت بما ابتلي به من الملك ربما لم أزهد قال بعض الملوك في حال نفسه و قد تزهد و انقطع إلى اللّٰه تعالى

أنا في الحال الذي قد تراه إن تأملت أحسن الناس حالا
منزلي حيث شئت من مستقر الأرض أسقى من المياه الزلالا
ليس لي والد و لا لي مولود أراه و لا أرى إلى عيالا
أجعل الساعد اليمين وسادي فإذا ما انقلبت كان الشمالا
قد تلذذت حقبة بأمور لو تدبرتها لكانت خيالا
فهؤلاء الزهاد هم الذين آثروا الحق على الخلق و على نفوسهم فكل أمر لله فيه رضي و إيثار قاموا به و أقبلوا عليه و ما كان للحق عنه إعراض أعرضوا عنه تركوا القليل رغبة في الكثير ليس للزهاد خروج عن هذا المقام في الزهد فإن خرجوا فلم يخرجوا من كونهم زهادا بل من مقام آخر و قد ينطلق اسم الزهد في اصطلاح القوم على ترك كل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست