responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 183

(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(الباب التاسع و التسعون في مقام النوم)



النوم جامع أمر ليس يجمعه غير المنام ففكر فيه و اعتبر
أن الخيال له حكم و سلطنة على الوجودين من معنى و من صور
و ليس يدرك في غير المنام و لا تبدو له صور في حضرة السور
يختص بالصاد لا بالسين حضرته فهو المحيط بما في الغيب من صور
من لا يكيف يأبى النوم يحصره بالكيف و الكم للتحديد بالعبر

[النوم حالة انتقال من مشاهدة عالم الحس إلى شهود عالم البرزخ]

اعلم أيدك اللّٰه أن النوم حالة تنقل العبد من مشاهدة عالم الحس إلى شهود عالم البرزخ و هو أكمل العالم فلا أكمل منه هو أصل مصدر العالم له الوجود الحقيقي و التحكم في الأمور كلها يجسد المعاني و يرد ما ليس قائما بنفسه قائما بنفسه و ما لا صورة له يجعل له صورة و يرد المحال ممكنا و يتصرف في الأمور كيف يشاء

[قدرة الخيال على المحال و الخيال من خلق اللّٰه]

فإذا كان له هذا الإطلاق و هو خلق مخلوق لله فما ظنك بالخالق سبحانه الذي خلقه و أعطاه هذه القوة فكيف تريد أن تحكم على اللّٰه بالتقيد و تقول إن اللّٰه غير قادر على المحال و أنت تشهد من نفسك قدرة الخيال على المحال و الخيال خلق من خلق اللّٰه و لا تشك فيما تراه من المعاني التي جسدها لك و أراها إياك أشخاصا قائمة فكذلك يأتي اللّٰه بأعمال بنى آدم مع كونها أعراضا صورا قائمة توضع في الموازين لإقامة القسط و يؤتى بالموت مع كونه نسبة فوق العرض في البعد عن التجسد في صورة كبش أملح يريد أنه في غاية الوضوح لهذا وصفه بالملحة و هي البياض فيعرفه جميع الناس فهذا محال مقدور

[حدود حكم العقل و فساد تأويله على اللّٰه فيما هو فوق مستواه]

فأين حكم العقل على اللّٰه و فساد تأويله و كذلك نعيم الجنان في فواكهه لاٰ مَقْطُوعَةٍ وَ لاٰ مَمْنُوعَةٍ فيتأوله من لا علم له بحمله على فصول السنة إن الفاكهة تنقضي بانقضاء زمانها ثم تعود في السنة الأخرى و فاكهة الجنة دائمة التكوين لا تنقطع هذا مبلغ علمهم في هذه المسألة و هي عندنا كما قال اللّٰه لاٰ مَقْطُوعَةٍ وَ لاٰ مَمْنُوعَةٍ فإن اللّٰه جاعل لنا فيها رزقا يسمى قطفا و تناولا كما جعل اللّٰه لعالم الجن في العظام رزقا و ما نرى ينقص من العظم شيء و نحن بلا شك نأكل من فاكهة الجنة قطفا دانيا مع كون الثمرة في موضعها من الشجرة ما زال عينها لأنها دار بقاء لما يتكون فيها فهي دار تكوين لا دار إعدام و كذلك سوق الجنة ندخل في أي صورة شئنا من صور السوق مع كوننا على صورتنا لا ينكرنا أحد من أهلنا و لا من معارفنا و نحن نعلم أن قد لبسنا صورة جديدة تكوينية مع بقائنا على صورتنا فأين العقول و المعقول هنا

لا يعرف اللّٰه إلا اللّٰه فاعتبروا ما عقل عين كعقل قلد الفكرا

[تنزيه اللّٰه عن النوم و نتائج ذلك على مستوى العلم الإلهي و الكمال الروحي]

و لما نزه اللّٰه نفسه عن صفة النوم فقال لاٰ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاٰ نَوْمٌ أي ما يغيبه شهود البرازخ عن شهود عالم الحس عن شهود المعاني الخارجة عن المواد في حال عدم حصولها في البرزخ و تحت حكمه و قد يمنح اللّٰه بعض عباده بهذا الإدراك مع كونه لا يتصف بأنه لا ينام أعني في حالة الدنيا و نشأتها و أما في الآخرة فإنه لا ينام أهل الجنة في الجنة و لا يغيب عنهم شيء من العالم بل كل عالم على مرتبته مشهود لهم مع كونهم غير متصفين بالنوم يقال نام فلان فرأى كذا أي رأى مقلوبة و هو مان أي كذب في عرف العادة فإن العلم ما هو لبن و القرآن ما هو عسل و لكن هكذا تراه فإذا كملت رأيته علما في حضرة المعاني في حال رؤيتك إياه لبنا في حضرة البرزخ و هو هو لا غيره

[المعرفة المطلوبة منا بالإله و قبول ما جاء به الشرع مما ترده العقول]

فتحقق ما أعلمناك به فقد أرحناك بما ذكرناه راحة الأبد و قد عرفناك بالإله المعرفة المطلوبة منا و إذا تحققت ما أومأنا إليه في هذا الباب علمت جميع ما جاء به الشرع في الكتاب و السنة قديما و حديثا من النعوت الإلهية التي تردها العقول ببراهينها القاصرة عن هذا الإدراك فمعرفة وجود الحق مدرك العقول من حيث ما هي مفكرة و صاحبة دلالات و معرفة ما هو الحق عليه في نفسه هو ما أعطاه الوجود لكل إدراك في عالمه فما ثم إلا حق و مصيب فسبحان من طور الأطوار و جعل في اليوم حقيقة الليل و النهار و أنزل الأحكام و شرعها على التفصيل لا على الإجمال وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

[النوم من أحكام الطبيعة في مولدات العناصر]

و النوم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست