responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 182



كرسيه تخزن الأكوان فيه و لا يؤده حفظ شيء ضمه عدد

[القيومية هي لله على ما تعطيه ذاته و للعبد على ما تعطيه ذاته]

هذا المقام يسمى مقام القيومية و اختلف أصحابنا هل يتخلق به أم لا و لقيت أبا عبد اللّٰه بن جنيد من شيوخ الطائفة من أهل قبرفيق من أعمال رندة و كان معتزلي المذهب فرأيته يمنع من التخلق بالقيومية فرددته عن ذلك من مذهبه فإنه كان يقول بخلق الأفعال للعباد فلما رجع إلى قولنا و أبنت له معنى قوله تعالى اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ فقد أثبت لهم درجة في القيومية و كان قد أتى إلى زيارتنا فلما رجع إلى بلده مشيت إلى زيارته في بلده فرددته و جميع أصحابه عن مذهبه في خلق الأفعال فشكر اللّٰه على ذلك رحمه اللّٰه فيتخيل من لا معرفة له بالحقائق أنها من خصائص الحق و لا فرق عندنا بينها و بين سائر الأسماء الإلهية كلها في التخلق بها على ما تعطيه حقيقة الخلق كما هي لله بحسب ما تعطيه ذاته تعالى و تقدس

[السهر أحد الأركان التي قام عليها بيت الأبدال]

و السهر من أحد الأربعة الأركان التي قام عليها بيت الأبدال و هي السهر و الجوع و الصمت و العزلة و قد أفردنا لمعرفة هذه الأربعة جزءا عملناه بالطائف سميناه حلية الأبدال و نظمناها في أبيات في الجزء المذكور سؤال صاحبي عبد اللّٰه بدر الخادم و محمد بن خالد الصدفي و هذه هي الأبيات

يا من أراد منازل الأبدال من غير قصد منه للأعمال
لا تطمعن بها فلست من أهلها إن لم تزاحمهم على الأحوال
بيت الولاية قسمت أركانه ساداتنا فيه من الأبدال
ما بين صمت و اعتزال دائم و الجوع و السهر النزيه العالي

[من تنام عينه و لا ينام قلبه]

فجعلوا السهر ركنا من أركان المقام الذي يكون من صفات الأبدال و آيتهم من كتاب اللّٰه تعالى سيدة آي القرآن اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاٰ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاٰ نَوْمٌ إلى قوله تعالى وَ لاٰ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمٰا وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ فانظر ما أعجب هذه الآية و لهذه الصفة عنت الوجوه منا و المراد بالوجوه حقائقنا إذ وجه الشيء حقيقته فقال تعالى وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ و قال كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ فإذا لم يحفظ العبد بسهر قلبه ذاته الباطنة كما يحفظ بسهر عينه ذاته الظاهرة و إن كان نائما فيكون ممن ينام عينه و لا ينام قلبه و يحفظ غيره بحفظه فما سهر من ليست هذه صفته و تكون الخمسة من الأعداد أتم منه في مقامها في حفظها نفسها و غيرها

[من له درجة الخمسة من العدد هو المتخلق بالقيومية]

و من لا يقدر أن يكون له درجة الخمسة من العدد و هي جزء مما لا يتناهى فإنها جزء من العدد و العدد لا نهاية له فكيف يتمكن له أن يتخلق بالقيومية مطلقا ليس ذلك في وسع البشر مثل الكلام سواء و غاية من يقوم بها قطب الوقت فإن له الأكثر فيها من سواه فالذي يتعين علينا حفظ هذه الصفة فنحن نسهر لحفظ الكون و إقامته ما يلزمنا أكثر من هذا و اللّٰه حفيظ عليم لا نحن فإذا قامت هذه الصفة بنا فقد وفينا المقام حقه

[صاحب مقام السهر حافظ كل شيء بعين اللّٰه الحافظة لكل شيء]

فينبغي لصاحب هذا المقام إذا سهر أن يسهر بعين اللّٰه و عين اللّٰه حافظته بلا شك الحفظ الذي يعلمه اللّٰه لا الحفظ العرضي فإن اللّٰه تعالى ما رأيناه يحفظ على كل عين صورتها بل الواقع غير ذلك و هو مطلق الحفظ فاذن ليس الحفظ ما يتخيل من حفظ الصور على أعيانها و إنما ينظر صاحب هذا المقام إلى الحفظ المطلق و ينظر في المحفوظ و إذا كان من عالم التغيير و الاستحالات فيحفظ عليه التغيير و الاستحالات فإن لم يتغير و لا استحال فما حفظ عليه ما تستحقه ذاته فينظر صاحب هذا المقام مراتب الموجودات و يكون حفظه في سهره بحسب ما تعطيه رتبة ذلك العالم و لا يلتفت إلى أغراض أشخاص ذلك النوع فإن الضدين لا يجتمعان فإذا أراد السكون أن يحفظ عليه ذاته في ساكن معين لم يتمكن أن يجيبه إلى ذلك فإن الساكن مأمور من اللّٰه بتغيير حاله من سكون إلى قيام لصلاة أو لأمر مشروع أو طبع كقضاء حاجته و لا يكون هذا إلا بأن يتغير و ينتقل إلى حكم الحركة و كذلك المتحرك إذا توجه عليه الأمر بالسكون فالحافظ هنا إنما يحفظ عليه حكم التغيير فإن لم يحفظ عليه ذلك فما سهر و لا تحقق بالقيومية فهذا ما يعطيه مقام السهر و حاله فافهم فإنه ما من مقام و إلا و يتسع المجال فيه لو تكلمنا على تفاصيله لكن نومئ إلى ما لا بد منه في كل مقام و حال بأمر كلي تقع به المنفعة و يندرج فيه كل تفصيل يحتمله فإذا بحثت عليه في كلامنا تجدنا قد وفينا المقصود انتهى الجزء السادس و التسعون

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست