responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 17

يشهدون من أعيانهم سوى وجودهم فاعلم ذلك و اللّٰه المرشد منور البصائر

[الصوفية الذين هم أهل التخلق و التحقق]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الصوفية و لا عدد لهم يحصرهم بل يكثرون و يقلون و هم أهل مكارم الأخلاق يقال من زاد عليك في الأخلاق زاد عليك في التصوف مقامهم الاجتماع على قلب واحد أسقطوا الياءات الثلاثة فلا يقولون لي و لا عندي و لا متاعي أي لا يضيفون إلى أنفسهم شيئا أي لا ملك لهم دون خلق اللّٰه فهم فيما في أيديهم على السواء مع جميع ما سوى اللّٰه مع تقرير ما بأيدي الخلق للخلق لا يطلبونهم بهذا المقام و هذه الطبقة هي التي يظهر عليهم خرق العوائد عن اختيار منهم ليقيموا الدلالة على التصديق بالدين و صحته في مواضع الضرورة و قد عاينا مثل هذا من هذه الطائفة في مناظرة فيلسوف و منهم من يفعل ذلك لكونه صار عادة لهم كسائر الأمور المعتادة عند أهلها فما هي في حقهم خرق عادة و هي في المعتاد العام خرق عادة فيمشون على الماء و في الهواء كما نمشي نحن و كل دابة على الأرض لا يحتاج في ذلك في العموم إلى نية و حضور إلا الملامية و الفقراء فإنهم لا يمشون و لا يخطو أحد منهم خطوة و لا يجلس إلا بنية و حضور لأنه لا يدري من أين يكون أخذ اللّٰه لعباده و قد كان صلى اللّٰه عليه و سلم كثيرا ما يقول في دعائه أعوذ بالله أن اغتال من تحتي و إن كانوا على أفعال تقتضي لهم الأمان كما هي أفعال الأنبياء من الطاعات لله و الحضور مع اللّٰه و لكن لا يأمنون أن يصيب اللّٰه عامة عباده بشيء فيعم الصالح و الطالح لأنها دار بلاء و يحشر كل شخص على نيته و مقامه و قد أخبر اللّٰه بقتل الأمم أنبياءها و رسلها و أهل القسط من الناس و ما عصمهم اللّٰه من بلاء الدنيا فالصوفية هم الذين حازوا مكارم الأخلاق ثم إنهم رضي اللّٰه عنهم علموا إن الأمر يقتضي أن لا يقدر أحد على إن يرضي عباد اللّٰه بخلق و إنه مهما أرضى زيدا ربما أسخط عمرا فلما رأوا أن حصول مقام عموم مكارم الأخلاق مع الجميع محال نظروا من أولى أن يعامل بمكارم الأخلاق و لا يلتفت إلى من يسخطه ذلك لم يجدوا إلا اللّٰه و أحباءه من الملائكة و البشر المطهر من الرسل و الأنبياء و أكابر الأولياء من الثقلين فالتزموا مكارم الأخلاق معهم ثم أرسلوها عامة في سائر الحيوانات و النباتات و ما عدا أشرار الثقلين و الذي يقدرون عليه من مكارم الأخلاق مما أبيح لهم أن يصرفوه مع أشرار الثقلين فعلوه و بادروا إليه و هو على الحقيقة ذلك الخلق مع اللّٰه إلا في إقامة الحدود إذا كانوا حكاما و أداء الشهادات إذا تفرضت عليهم فاعلم ذلك

[العباد الذين هم أهل الفرائض]

و منهم رضي اللّٰه عنهم العباد و هم أهل الفرائض خاصة قال تعالى مثنيا عليهم وَ كٰانُوا لَنٰا عٰابِدِينَ و لم يكونوا يؤدون سوى الفرائض و من هؤلاء المنقطعون بالجبال و الشعاب و السواحل و بطون الأودية و يسمون السياح و منهم من يلازم بيته و صلاة الجماعات و يشتغل بنفسه و منهم صاحب سبب و منهم تارك السبب و هم صلحاء الظاهر و الباطن قد عصموا من الغل و الحسد و الحرص و الشرة المذموم و صرفوا كل هذه الأوصاف إلى الجهات المحمودة و لا رائحة عندهم من المعارف الإلهية و الأسرار و مطالعة الملكوت و الفهم عن اللّٰه في آياته حين تتلى غير أن الثواب لهم مشهود و القيامة و أهوالها و الجنة و النار مشهودتان دموعهم في محاريبهم تَتَجٰافىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضٰاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً و تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً إِذٰا خٰاطَبَهُمُ الْجٰاهِلُونَ قٰالُوا سَلاٰماً و إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِيٰاماً شغلهم هول المعاد عن الرقاد ضمروا بطونهم بالصيام للسباق في حلبة النجاة إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً ليسوا من الإثم و الباطل في شيء عمال و أي عمال عاملوا الحق بالتعظيم و الإجلال سمعت بعضهم رضي اللّٰه عنهم و عنه و هو أبو عبد اللّٰه الطبخي و إلى وجدة يتأوه و ينشد ما قاله عمر بن عبد العزيز

حتى متى لا ترعوي و إلى متى و إلى متى
ما بعد أن سميت كهلا و استلبت اسم الفتى
لا ترعوي لنصيحة فإلى متى و إلى متى
و كان منهم خليفة من بنى العباس هرب من الخلافة من العراق و أقام بقرطبة من بلاد الأندلس إلى أن درج و دفن بباب عباس منها يقال له أبو وهب الفاضل خرج فضائله شيخنا أبو القاسم خلف بن بشكوال رحمه اللّٰه فذكر فيها عنه إنه كان كثيرا ما ينشد لنفسه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست