responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 16

رأيت من يبر أمه مثله و كان ذا مال و لي سنون فقدته من دمشق فما أدري هل عاش أو مات

[ما من أمر محصور في عدد إلا و له رجال بعدده]

و بالجملة فما من أمر محصور في العالم في عدد ما إلا و لله رجال بعدده في كل زمان يحفظ اللّٰه بهم ذلك الأمر و قد ذكرنا من الرجال المحصورين في كل زمان في عدد ما الذين لا يخلو الزمان عنهم ما ذكرناه في هذا الباب فلنذكر من رجال اللّٰه الذين لا يختصون بعدد خاص يثبت لهم في كل زمان بل يزيدون و ينقصون و لنذكر الأسرار و العلوم التي يختصون بها و هي علوم تقسم عليهم بحسب كثرتهم و قلتهم حتى أنه لو لم يوجد إلا واحد منهم في الزمان اجتمع في ذلك الواحد ذلك الأمر كله فلنذكر الآن بعض ما تيسر من المقامات المعروفة التي ذكرها أهل الطريق و عينها أيضا الشرع أو عين أكثرها و سماها ثم بعد ذلك أذكر من المسائل التي تختص بهذا الباب و بالأولياء التي لا يعرفها بالمجموع إلا الولي الكامل

[الدعاوي العريضة و الضعف الظاهر]

فإن الإمام محمد بن علي الترمذي الحكيم هو الذي نبه على هذه المسائل و سأل عنها اختبار الأهل الدعوى لما رأى من الدعاوي العريضة و الضعف الظاهر فجعل هذه المسائل كالمحك و المعيار لدعواهم و لم يتعرض لخرق العوائد في ظاهر الكون التي اتخذتها العامة دلائل على الولاية و ليست بدلائل عند أهل اللّٰه و إنما القوم يختبر بعضهم بعضا فيما يدعونه من العلوم الإلهية و الأسرار فإن خرق العوائد عند الصادقين إنما ذلك في بواطنهم و قلوبهم بما يهبهم اللّٰه من الفهم عنه مما لا يشاركهم فيه ذوقا من ليس من جنسهم و ها أنا ذاكر ألقاب الرجال الذين لا يحصرهم عدد و لا يقيدهم أمد و اللّٰه المستعان انتهى الجزء السادس و السبعون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

[وصل رجال اللّٰه الذين لا يتقيدون بعدد و الأسرار و العلوم التي يختصون بها]

[ الملامية سادات أهل طريق اللّٰه]

فمنهم رضي اللّٰه عنهم الملامية و قد يقولون الملامتية و هي لغة ضعيفة و هم سادات أهل طريق اللّٰه و أئمتهم و سيد العالم فيهم و منهم و هو محمد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و هم الحكماء الذين وضعوا الأمور مواضعها و أحكموها و أقروا الأسباب في أماكنها و نفوها في المواضع التي ينبغي أن تنفى عنها و لا أخلوا بشيء مما رتبه اللّٰه في خلقه على حسب ما رتبوه فما تقتضيه الدار الأولى تركوه للدار الأولى و ما تقتضيه الدار الآخرة تركوه للدار لآخرة فنظروا في الأشياء بالعين التي نظر اللّٰه إليها لم يخلطوا بين الحقائق فإنه من رفع السبب في الموضع الذي وضعه فيه واضعه و هو الحق فقد سفه واضعه و جهل قدره و من اعتمد عليه فقد أشرك و ألحد و إلى أرض الطبيعة أخلد فالملامتية قررت الأسباب و لم تعتمد عليها فتلامذة الملامتية الصادقون يتقلبون في أطوار الرجولية و تلامذة غيرهم يتقلبون في أطوار الرعونات النفسية فالملامية مجهولة أقدارهم لا يعرفهم إلا سيدهم الذي حاباهم و خصهم بهذا المقام و لا عدد يحصرهم بل يزيدون و ينقصون

[الفقراء الذين يفتقرون إلى اللّٰه على الإطلاق]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الفقراء و لا عدد يحصرهم أيضا بل يكثرون و يقلون قال تعالى تشريفا لجميع الموجودات و شهادة لهم يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ فالفقراء هم الذين يفتقرون إلى كل شيء من حيث إن ذلك الشيء هو مسمى اللّٰه فإن الحقيقة تأبى أن يفتقر إلى غير اللّٰه و قد أخبر اللّٰه أن الناس فقراء إلى اللّٰه على الإطلاق و الفقر حاصل منهم فعلمنا إن الحق قد ظهر في صورة كل ما يفتقر إليه فيه فلا يفتقر إلى الفقراء إلى اللّٰه بهذه الآية شيء و هم يفتقرون إلى كل شيء فالناس محجوبون بالأشياء عن اللّٰه و هؤلاء السادة ينظرون الأشياء مظاهر الحق تجلى فيها لعباده حتى في أعيانهم فيفتقر الإنسان إلى سمعه و بصره و جميع ما يفتقر إليه من جوارحه و إدراكاته ظاهرا و باطنا و قد أخبر الحق في الحديث الصحيح أن اللّٰه سمع العبد و بصره و يده فما افتقر هذا الفقير إلا إلى اللّٰه في افتقاره إلى سمعه و بصره فسمعه و بصره إذا مظهر الحق و مجلاه و كذلك جميع الأشياء بهذه المثابة فما ألطف سريان الحق في الموجودات و سريان بعضها في بعض و هو قوله سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فالآيات هنا دلالات إنها مظاهر للحق فهذا حال الفقراء إلى اللّٰه لا ما يتوهمه من لا علم له بطريق القوم فالفقير من يفتقر إلى كل شيء و إلى نفسه و لا يفتقر إليه شيء فهذه أسنى الحالات قال أبو يزيد يا رب بما ذا أتقرب إليك قال بما ليس لي الذلة و الافتقار قال تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ أي ليتذللوا لي و لا يتذللوا لي حتى يعرفوني في الأشياء فيذلوا لي لا لمن ظهرت فيهم أو ظهرت أعيانهم بكونهم مظاهر لي فوجودهم أنا و ما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست