responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 141

ثوب مخالفة أو موافقة فإنك إن لم توافق الأمر وافقت الإرادة و لو لا ما بين السيئ و الحسن مناسبة تقتضي جمعهما في عين واحدة يكون بها حسنا سيا ما قبل التبديل في قوله يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ و لا كان يتصف سوء العمل بالحسن في رؤيته فما اتصف بالحسن عنده حتى قبل العمل صفة الحسن في وجه من الوجوه الوجودية فهو سوء بالخبر حسن بالرؤية فكان الرؤية لا تصدق الخبر و شاهد الرؤية أقطع

و لكن للعيان لطيف معنى لذا سأل المعاينة
الكليم

[الناس يطلبون أن يصدق الخبر الخبر]

و الناس يطلبون أن يصدق الخبر الخبر و الخبر الرؤية و لم نر أحدا يطلب أن يصدق الخبر الرؤية كما يصدق الخبر الخبر و لهذا اختلف في شهادة الأعمى و لم يختلف في شهادة صاحب البصر و لهذا قال في الآية فَإِنَّ اللّٰهَ يُضِلُّ مَنْ يَشٰاءُ أي يحيره في مثل هذا حيث وصفه بالسيئ و الحسن فلا يدري المكلف ما يغلب و بقوله زين بنية ما لم يسم فاعله فلا يدري من زينه هل تزيين اللّٰه أو تزيين الشيطان أو تزيين الحياة الدنيا ثم قال وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ أي يوفق للاصابة في معنى السوء و الحسن لهذا العمل ما معناه و كيف ينبغي أن يأخذه فَلاٰ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰاتٍ أي فلا تكترث لهم حسرة عليهم فهي بشرى من اللّٰه بسعادة الجميع فإنه ما حيل بينه صلى اللّٰه عليه و سلم و بين إنسانيته فهو إنسان في كل حال و لا تزول الحسرات عنه و هو إنسان كامل إلا باطلاعه على سعادتهم في المال فلا يبالي من العوارض فإن السوء للعمل عارض بلا شك و الحسن له ذاتي و كل عارض زائل و كل ذاتي باق لا يبرح فَإِنَّ اللّٰهَ خبير أي عَلِيمٌ عن ابتلاء بِمٰا يَصْنَعُونَ من كل ما يظهر فيكم من الأفعال و عنكم

[حسن الحسنة و حسن السيئة]

و في هذا الركن أيضا في قوله ما فات من فات فلان فلانا جودا إذا أربى عليه في الجود و زاد فهذا يرى الندم في التوبة على ما فات أي ما زاد حسن السيئة المبدلة على حسن الحسنة غير المبدلة فإن حسن الحسنة بنفسها لا بأمر آخر و حسن السيئة إذا أبدلت لها حسنان حسن ذاتي و هو الحسن الذي لكل فعل من حيث ما هو لله و حسن زائد و هو ما خلع الحق على هذا الفعل بالتبديل فكسا ما ظهر فيه من السوء حسنا ففات سوء العمل حسن على حسن العمل بما كساه الحق فالحسنة كشخص جميل في غاية الجمال لا بزة عليه و شخص جميل مثله في غاية الجمال طرأ عليه وسخ من غبار فنظف من ذلك الوسخ العارض فبان جماله ثم كسي بزة حسنة فاخرة تضاعف بها جماله و حسنه ففات الأول حسنا

[لسان آدم في الندم]

فالتائب يندم على ما فات حيث لم تكن أفعاله كلها معلومة له إنها بهذه المثابة فيتصل فرحه قال في هذه الآية وَ كٰانَ اللّٰهُ غَفُوراً أي يستر عمن شاء الوقوف على مثل هذا كشفا رَحِيماً رحمة به لمعنى علمه سبحانه لم يعينه لنا فندم مثل هذا الذي هو أثر الحزن مثل ما يجده المحب على محبوبه من الوجد و الحزن و الكرب و الندم على ما فرط في حق محبوبه الذي زين له فكان يتلقاه بأعظم مما تلقاه من الحرمة و الحشمة يقول لسان آدم

فيا طاعتي لو كنت كنت بحسرة و معصيتي لولاك ما كنت مجتبى
قال تعالى ثُمَّ اجْتَبٰاهُ رَبُّهُ فَتٰابَ عَلَيْهِ وَ هَدىٰ فالله كان التائب لا آدم و الذي صدر من آدم ما اقتضته خاصية الكلمات التي تلقاها و ما فيها ذكر توبة و إنما هو مجرد اعتراف و هو قوله رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا حيث عرضوها إلى التلف و كان حقها عليهم أن يسعوا في نجاتها بامتثال نهي سيدهم وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنٰا وَ تَرْحَمْنٰا أي و إن لم تسترنا عن وارد المخالفة حتى لا يحكم سلطانه علينا و ترحمنا بذلك الستر لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ ما ربحت تجارتنا فانتج لهم هذا الاعتراف قوله فَتٰابَ عَلَيْهِ وَ هَدىٰ أي رجع عليهم بستره فحال بينهم ذلك الستر الإلهي و بين العقوبة التي تقتضيها المخالفة و جعل ذلك من عناية الاجتباء أي لما اجتباه أعطاه الكلمات و هدى أي بين له قدر ما فعل و قدر ما يستحقه من الجزاء و قدر ما أنعم به عليه من الاجتباء و مع التوبة قال له اهبط هبوط ولاية و استخلاف لا هبوط طرد فهو هبوط مكان لا هبوط رتبة

هبوط مكان لا هبوط مكانة لتلقى به فوزا و ملكا مخلدا
كما قال من أغواه صدقا لكونه رآه كلاما من إله مسددا
فإن إبليس قال له هَلْ أَدُلُّكَ عَلىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لاٰ يَبْلىٰ فسمع ذلك الخطاب من ربه تعالى فكان صدقا لحسن ظنه بربه فعرض له من أجل المحل الذي ظهر فيه خطاب الحق و أورثه ظهور السوآت من أجل المحل و أورثه الأكل الخلد و الملك الذي لا يبلى و لكن بعد ظهور سلطانه و نيابته و نيابة بنيه في خلقه حكما مقسطا عدلا يرفع القسط و يضعه أورثه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست