responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 140

عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا استحيا اللّٰه منه أن يؤاخذه بذنب كما إن العبد يستحيي من اللّٰه في حال توبته إلى اللّٰه أن يقع منه زلة و هو في هذا الحال فإنه ليس بتائب في تلك الحال و نحن تكلمنا في التائب فالحياء له لازم و الحياء يقتضي ترك الزلة في الحال و من ترك الزلة في الحال للتائب إذا كان عارفا هو ترك نسبتها إلى ربه فينسبها إلى نفسه أدبا مع اللّٰه و في نفس الأمر الفعل فعل اللّٰه و القدر من اللّٰه و الحكم بكونها معصية و زلة حكم اللّٰه و مع هذا فالأدب يقول له انسبها إلى نفسك لما تعلق بها لسان الذم و لهذا قال في حد النفس كل خاطر مذموم و الأصل فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا

[موقف بعض العلماء بالله من ترك الزلة في الحال]

و من العلماء بالله من يكون ترك الزلة في الحال عندهم أن لا يشهدوا أنها زلة و هو عين قضاء اللّٰه فيها لأنه الذي حكم أنها زلة و من حيث إنها فعل من أفعال اللّٰه فهي في غاية الحسن و الجمال و إنما سميت زلة من زل إذا زلق أي زلت من نسبة كونها من أفعال اللّٰه إلى حكم اللّٰه فيها بالذم فحكم اللّٰه فيها بالزلل عن هذه المرتبة فاعلم و من العلماء بالله من يكون ترك الزلة في حقه أن يشهد الزلة في ذلك الفعل من كونها زلة لا من كونها فعلا يتعلق به الذم أو الحمد فيشهد نسبتها للعبد التي بها سميت زلة ثم يتبعها الذم و إن كان كل فعل إلهي نسب إلى العبد من هذا الباب فجميع الأفعال الكونية كلها زلل محمودها و مذمومها

[موقف بعض الناس من ترك الزلة في الحال]

و من الناس من يكون ترك الزلة في الحال في حقه شغله برجوعه إلى ربه و الذلة رجوعه عن ربه فهو في النقيض و من هو في النقيض بالحال لا يكون في نقيضه فبالضرورة لا يكون له في هذه الحال زلة و من الناس من يكون ترك الزلة في الحال في حقه هو شغله بشهوده رجوع الحق عليه ليرجع إليه ليفرق ما بين رجوعه عليه ليرجع إليه و بين رجوع آخر لا ليرجع إليه ليميز بين الرجوعين ليقيم على نفسه ميزان ما يجب عليه في ذلك من اللّٰه من عمل من الأعمال من ذكر بلسان أو قلب أو عمل بجارحة أو المجموع أو بعض المجموع و من كان بهذه المثابة من الشغل فلا تقوم به زلة في الحال و من الناس من يكون ترك الزلة في الحال في حقه أن يشهد رجوع الحق إليه لا ليميز و لا ليرجع إليه بل ليعلم حقيقة معنى الرجوع الإلهي لما ذا ينسبه هل إلى الذات أو لاسم إلهي و ما سبب ذلك الرجوع هل هو ذاتي أو غير ذاتي أو لا نسبة له إلى الذات فهذه الوجوه و أمثالها مما يطلبه ترك الزلة في الحال

[الركن الثاني للتوبة و موقف الصوفية منه]

و أما الركن الثاني و هو الندم على ما فات و هو عند الفقهاء الركن الأعظم بمنزلة قوله الحج عرفة لأنه الركن الأعظم و هنا تتشعب أمور كثيرة في التائبين ميم الندم منقلبة عن باء مثل لازم و لازب و هو أثر حزنه على ما فاته يسمى ندما و الندب الأثر فقلبت ميما و جعلت لأثر الحزن خاصة و أما تعلقه بالفوات فمن أصحابنا من رأى أنه تضييع للوقت فإنه ما فات لا يسترجع و من أصحابنا من يرى أنه صاحب الوقت و أن فائدته أن يجبر له ما مضى و يحتج بقوله إِلاّٰ مَنْ تٰابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صٰالِحاً فَأُوْلٰئِكَ يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ و من أصحابنا من يرى أنه لا يندم إلا بإحضاره في نفسه ذنبه الحائل بينه و بين ما فاته من طاعة أمر ربه عز و جل و ذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء فينبغي له أن ينسى ذنبه و هو خلاف الأول فإنه قال التوبة أن لا تنسى ذنبك و الكلام فيما فاته فمنهم من يندم على ما فاته من الاستغفار في عقب كل ذنب و منهم من يرى الندم على ما فاته من الوقت و من الناس من يرى الندم على ما فاته من الطاعة في وقت المخالفة و من الناس من يرى الندم على ما فاته من فعل الكبائر في وقت المخالفة لأنه يشاهد التبديل كل سيئة بما يوازنها من الحسنات كقتل نفس بإحياء نفس و ذم بمحمدة و صدقة بغصب أو سرقة أو خيانة و من الناس من يرى الندم على ما فاته من الحضور مع اللّٰه في قضائه بالمعصية في حال المعصية و من الناس من يرى الندم على ما فاته من إضافة ذلك الفعل إلى الفاعل في حال الفعل

[إضافة الفعل إلى الفاعل الحقيقي في حال الفعل]

و هو نور عظيم شعشعاني حجابه أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فقرن به السوء لما أضافه إليه فرآه حسنا و لا بد من حضرة وجودية هي التي أوجبت له الحسن الذي رآه محل الفعل إذ العدم لا يراه الممكن و ما ثم حسن إلا كونه من أفعال اللّٰه و ما أساءه إلا إضافته إلى العبد فإنه قال أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ بكونه لربه سُوءُ عَمَلِهِ من كونه عمله فكسبه السوء فَرَآهُ حَسَناً بالتزيين الإلهي و زينة اللّٰه غير محرمة فهو في نفس الأمر مزين بزينة اللّٰه و عند العبد بحسب ما يحضر فيه فإن حضره تزيين الشيطان فهو سوء على سوء و إن حضره تزيين الحياة الدنيا فهو غفلة في سوء و إن حضرة تزيين اللّٰه و الإضافة إلى العبد فهو حسن في سوء فإن أخذ إضافة السوء إلى العمل أدبا إلهيا فهو حسن في حسن

كل شيء أنت فيه حسن لا يبالي حسن ما لبسا
من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست