و اعترض بعض المتأخّرين بأنّ تلك الصور مختلفة، و إلاّ لزم اجتماع الأمثال، و لأنّها صور للمختلفات، فجاز أن يكون بعضها أولى بالمحلّيّة من البعض كالبطء و الحركة المختلفين [2].
أجاب عن هذا بعض المحقّقين: بأنّ كون أحد الشيئين حالاّ و الآخر محلاّ يستدعي الاختلاف دون العكس، و الحركة ليست محلاّ للبطء؛ لاختلافهما، و إلاّ لكانت محلاّ للسواد، بل إنّما كانت محلاّ لكونه هيئة لها، و ها هنا المعقولان لا يمكن أن يكون أحدهما هيئة للآخر و هما متساويان في النسبة إلى المحلّ الذي تعقّلهما، فليس أحدهما أولى بالمحلّية [3].
و أقول: هذا الجواب ضعيف؛ لأنّ المعترض لم يعلّل الأولويّة بالاختلاف، بل هو مطالب ببيان عدم الأولويّة.
ثمّ قال [4]: إنّ عدم الأولوية لا يجوز أن يكون ثابتا؛ لأنّ الصورتين متماثلتان أو لأنّ الصورتين مختلفتان، و مع الاختلاف أمكن حصول الأولوية.
على أنّا نقول: سلّمنا أنّه لا أولويّة في كون إحداهما محلاّ، فلم لا يجوز ذلك، و يكون كلّ واحدة منهما عاقلة للأخرى كما نقول في مجرّدين عاقلين حلاّ عاقلا ثالثا؛ فإنّ كلّ واحد منهما ليس أولى بالمحلّية من الآخر، بل كلّ منهما عاقل للآخر؟
و إذ قد عرفت ضعف هاتين الحجّتين فالأولى الاعتماد على ما تقدّم [6].
و قد بقيت مباحث أخرى في كيفيّة إدراك واجب الوجود أخّرناها عن هذا الموضع، و لنذكر ها هنا بعض المذاهب المنسوبة إلى القدماء في نفي العلم فنقول: