نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 508
و قد قالوا: إنّ الواحد لا يصدر عنه أمران؛ لأنّ مفهوم «كون أحدهما صادرا عنه» مغاير لمفهوم «كون الآخر صادرا عنه» فالمفهومان إن قوّماه، تكثّر، و إن عرضا له، عاد الكلام [1].
و قيل على هذا: إنّ صدور الشيء عن غيره أمر اعتباري يتعدّد بتعدّد ما إليه الاعتبار كما تسلب عن الواحد أمور كثيرة، و كما يوصف بأمور كثيرة مع أنّ سلب أحدهما عنه مغاير لسلب الآخر، و اتّصافه بأحدهما مغاير لاتّصافه بالآخر [2].
أجيب عن هذا: بأنّ سلب الشيء عن الشيء، و اتّصاف الشيء بالشيء لا يتحقّق عند شيء واحد لا غير؛ فإنّه لا يلزم الواحد من حيث هو واحد، بل يستدعي وجود أشياء حتّى تلزم تلك الأمور لتلك الأشياء باعتبارات مختلفة.
و صدور الكثير عن الكثير ليس بمحال؛ فإنّ السلب يفتقر إلى ثبوت مسلوب و مسلوب عنه، و الاتّصاف يفتقر إلى متّصف و متّصف به، و أمّا صدور الشيء عن الشيء فإنّه أمر يكفي في تحقّقه فرض شيء واحد هو العلّة؛ و إلاّ امتنع استناد جميع المعلولات إلى مبدإ واحد [3].
لا يقال: الصدور أيضا لا يتحقّق إلاّ بعد تحقّق شيء يصدر عنه و شيء صادر.
لأنّا نقول: الصدور يطلق على معنيين:
أحدهما: إضافي يعرض للعلّة و المعلول من حيث يكونان معا.
و الثاني: كون العلّة بحيث يصدر عنها المعلول.
و كلامنا في الثاني، و هو متقدّم على المعلول و على الإضافة، و هو أمر واحد إن كان المعلول واحدا، و هو نفس العلّة إن كانت العلّة علّة لذاتها، و إن كانت علّة بحسب حالة أخرى، كانت عارضا لها.
أمّا إذا كان المعلول فوق واحد فلا محالة يكون ذلك الأمر مختلفا و يلزم منه التكثّر في ذات العلّة [4].
[1] . «المباحث المشرقيّة»1:588؛ «شرح المقاصد»2:94 و انظر «إيضاح المقاصد» :113 للمصنّف (قدّس سرّه) .