و هؤلاء في التحريف ينزّلون منزلة الأوائل؛ فإنّ خواصّ العدد حاصلة في الاثنين.
و قولهم: «إنّ الواحد فرد أوّل و ليس بعدد فلا يكون الزوج الأوّل عددا» كلام لم يأتوا على صحّته ببرهان.
و قولهم: «أقلّ الآحاد ثلاثة» غلط؛ فإنّا لا نعني ها هنا ما يعنيه النحويّ.
[37]سرّ
المقادير و إن كانت لا توجد في الخارج إلاّ مع المادّة لكنّها في الذهن قد تتصوّر من دون المادّة، فإذا تصوّرنا الثخن من غير أن نلتفت إلى ما عداه، كان ذلك جسما تعليميا، و إنّما نتخيّله متناهيا، و إذا تخيّلنا ذلك السطح، من غير أن نلتفت إلى شيء يقارنه من الأجسام كالألوان و الأضواء، كان ذلك سطحا تعليميا.
و كذلك الخطّ و النقطة.
و الفرق بين كون الجسم تعليميا و بين البواقي أنّ الجسم يمكن أن يتصوّر في الذهن من غير وجود المادّة، أي لا بشرط أن تكون معه المادّة، أو بشرط أن لا تكون معه المادّة.
و أمّا البواقي فإنّما يمكن أن نتصوّرها بالمعنى الأوّل لا الثاني؛ فإنّ السطح إنّما نتخيّله ذا وجهين فيكون جسما.
[38]سرّ
النقطة نهاية الخطّ الذي هو نهاية السطح الذي هو نهاية الجسم، و كلّ منها محتاج إلى محلّه، فلا يكون أحدهما [2]فاعلا للآخر.
و لا يتألّف من نقطتين خطّ، و لا من خطّين سطح، و لا من سطحين جسم؛ لأنّها إن تلاقت بالأسر، لزم المطلوب، و إلاّ لزم الانقسام.