و الحجّتان مبنيّتان على أنّ المنقسم يستدعي المادّة، و قد مرّ الكلام فيه [2].
[21]سرّ
لمّا ثبت بينهما التلازم فلا بدّ من علّيّة بينهما، و لا يجوز أن تكون الهيولى هي العلّة؛ لأنّها قابل و القابل لا يكون فاعلا؛ لما يأتي [3]، فبقي أن تكون العلّة هي الصورة، و لا يجوز أن تكون علّة مطلقة، و لا واسطة مطلقة.
أمّا في العنصريات: فلزوالها و ثبات الهيولى. و أمّا في مطلق الصور: فلأنّها متأخّرة عن الشكل، أو مصاحبة له، و الشكل متأخّر عن الهيولى على ما مرّ [4]، و المتأخّر عن المتأخّر-أو المصاحب-متأخّر، و العلّة متقدّمة.
فإذن الصورة شريكة لشيء آخر، و ذلك الشيء مجرّد، و يكون هو العلّة بالحقيقة للهيولى غير أنّ الهيولى لمّا استحال انفكاكها عن الصور كان مستحفظا لبقاء الهيولى بتعاقب الصور [5].
و قد اعترض على هذا جماعة من المتأخّرين:
أمّا أوّلا: ففي استدعاء التلازم العلّيّة؛ فإنّ الشيئين جاز تلازمهما من غير علّة بينهما كالمضافين و الجواهر و الأعراض.
و أمّا ثانيا: ففي استحالة كون الواحد قابلا و فاعلا. و سيأتي.
و إن سلّم هذا المقام لكنّ الذي أحلتموه هو كون الفاعل التامّ في الفاعليّة لا يكون قابلا، و نحن نقول: لم لا تكون الهيولى جزء علّة للصورة؟
و أمّا ثالثا: ففي تأخّر الصورة عن الهيولى.
و قولكم: «الصورة غير متقدّمة على الشكل، فهي مصاحبة له أو متأخّرة عنه»
[1] . «الإشارات و التنبيهات مع الشرح»2:76؛ «المباحث المشرقيّة»2:59؛ «شرح المقاصد»3:74.