نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 363
و من الكمال ما هو أوّل و ما هو ثان، فالكمال الأوّل هو: الذي يقتضي التمييز النوعيّ، و الكمال الثاني هو: الذي يلحق التمييز.
إذا عرفت هذا، فنقول: عرّفوا النفس بأنّها كمال أوّل لجسم طبيعيّ [1].
و لم يعرّفوها بأنّها قوّة؛ فإنّ القوّة تقع بالاشتراك على القوّة الفعلية و الانفعالية، و اللفظ المشترك يحترز عنه في التعريفات.
و لم يعرّفوها بأنّها صورة؛ فإنّ النفس الإنسانية و الفلكيّة عندهم غير حالّة في البدن، فلا تكون صورة فيه.
و قيّدوا «الكمال» بالأوّل؛ لأنّ التمييز يقع بالنفس. و الجسم ها هنا بمعنى الجنس لا المادّة، و قيّد بالطبيعي لتخرج الصور الصناعية؛ فإنّها كمالات أول لجسم لكنّه غير طبيعي بل صناعي كالسرير [2].
و هذا المعنى مشترك بين النفوس الفلكية و العنصرية، و ليس بجنس لهما؛ فإنّ هذا التعريف إنّما هو باللوازم.
فإذا أرادوا تمييز النفس الأرضية عن الفلكيّة، أضافوا إلى هذا بعد قولهم: «طبيعيّ» قولهم: «آليّ ذي حياة بالقوّة» يعنون به كونه ذا آلات يصدر عنه بتوسّطها أو بغير توسّطها أفاعيل الحياة كالتغذّي و النموّ. و يصير هذا المعنى متناولا للنفوس النباتية و الحيوانية و الإنسانية.
و إن أرادوا تمييز النباتية عن غيرها، أضافوا إليه: «تصدر عنه أفعال مختلفة من غير قصد و لا اختيار» .
و إن أرادوا تمييز الحيوانية من غيرها، أضافوا إليه: «تصدر عنه الأفعال المختلفة بواسطة القصد و تكون لها قدرة على الفعل و الترك» .
و إن أرادوا تمييز الإنسانية، أضافوا إليه: «يصدر عنها إدراك حقائق الموجودات على سبيل الفكرة و الحدس» .
[1] . انظر: «الشفاء» الطبيعيّات 2:5، كتاب النفس و ما بعدها؛ «المباحث المشرقيّة»2:234 و ما بعدها.