و أجيب عنه: بأنّ الكيفيات ليست هي المنفعلة بل المفعلة هي المادّة لكن انفعالها هو استحالتها في تلك الكيفيات، و لم تجعل الصور فاعلة في غير موادّها بذاتها، بل بتوسّط الكيفيات؛ فإنّ الصورة الناريّة هي المبدأ لحصول جرم النار، فإن انفردت فعلت الحرارة لذاتها في المادّة شديدة، و إذا امتزج الماء بها أثّرت هي أيضا بتوسّط حرارتها في تلك في مادّة الباردة بسبب الصورة المائيّة نقصان البرودة.
و لو كانت مادّة الماء خالية عن البرودة، أثّرت فيها الحرارة، و فعلت صورة الماء في مادّة النار مثل ما فعلت صورة النار في مادّة الماء، فاستوت الكيفية المتوسّطة من المادّتين على التناسب.
و الدليل على أنّ الصورة تفعل في غير مادّتها بتوسّط الكيفية: أنّ الماء الحارّ و البارد إذا امتزجا أثّرت حرارة الماء في برودة الآخر [2].
أقول: الالتجاء إلى جعل المنفعل هو المادّة غير مفيد؛ لأنّ الحرارة البالغة من النار لا شكّ في انكسارها، فعلّة الانكسار إن كانت هي صورة الماء لا غير، لزم ما ذكره السائل.
و إن كانت هي صورة الماء مع البرودة، وجب حصول البرودة حال الانكسار، لكن انكسار البرودة بعد ذلك إن كان مستندا إلى صورة النار لا غير، لزم المحذور. و إن كان إليها و إلى الحرارة البالغة، لزم صيرورة المغلوب غالبا.
و إن كانت هي الحرارة المتوسّطة، لزم أن تكون الصورة مع الحرارة المتوسّطة أقوى منها مع الحرارة البالغة، و هو محال.
و قولهم: إنّ الصورة و الكيفية معا تؤثّران في المادّة الأخرى، فيه نظر؛ فإنّ صورة الماء الحارّ لا تقتضي الحرارة؛ فإنّما الحرارة غريبة، فإذا انفعل البارد عن الماء الحارّ، كان