نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 345
و هذه الحجّة رديئة جدّا. و مع ذلك فإنّها لازمة عليهم أيضا؛ لأنّ عندهم أنّ تلك النار إذا اختلطت بغيرها من العناصر، يعرض لها ما يزيلها عن تلك الصورة النارية، و تفيدها الصورة اللحمية، فلا يبعد أن يحصل هذا العارض للنار الصرفة، فإن شرطتم في هذا الحصول وجود التركيب، كان لنا أن نقول بمثله.
و المشّاؤون اتّفقوا على بقاء تلك الطبائع، و انكسار الكيفيات.
و احتجّوا بأمرين:
أحدهما: إنّه لو فسدت الصورة النارية، لم يحصل المزاج؛ فإنّ الامتزاج يستدعي بقاء الممتزجات.
الثاني: المشاهدة؛ فإنّا إذا وضعنا المركّب في القرع و الإنبيق [1]، حصل جوهر مائي و كلس، و لو لا اختلاف الموجودات في المركّب حالة التركيب و إلاّ [2]لما حصل الاختلاف عن الفاعل الواحد.
قالوا: و لو كان المنفعل ينفعل في صورته، و يفعل في صورته، لزم انقلاب المغلوب غالبا على تقدير تأخّر أثر البعض عن البعض، أو حصول الغالبية و المغلوبية لشيء واحد في وقت واحد على تقدير المقارنة [3].
فإن قالوا: فكذلك نقول في الكيفيات؛ فإنّ كيفية كلّ واحد منها إذا كانت فاعلة في الأخرى، و منفعلة عن الأخرى، لزم ما ألزمتمونا به.
أجابوا: بأنّ الكيفيات ليست هي الفاعلة، و إنّما الفواعل هي الصور، و المنفعل هي الكيفيات، و حيث حصل التغاير بين الفاعل و المنفعل، سقط ما ذكرتم [4].
و ها هنا سؤال و هو أن يقال: إنّكم تجعلون الحرارة و البرودة من الكيفيات الفعلية، بمعنى أنّها تعدّ موضوعاتها لأن تكون [5]فاعلة في غيرها، و الصور إنّما تفعل بتوسّطها،
[1] . القرع: وعاء يستخدم في المختبرات الكيمياوية آنذاك، و الإنبيق أيضا وعاء يستخدم في التقطير.
[2] . يشبه أن يسقط من هنا شيء، أو تكون «إلاّ» زائدة.
[3] . «الشفاء» الطبيعيّات 2:122-132، الكون و الفساد؛ «درّة التاج» :647.