نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 339
و يورد ها هنا سؤال آخر، و هو أنّ برودة الماء لو اقتضت فساد الهواء المحيط بالإناء، لفسد كلّ ذلك الهواء، فيسيل، و يتّصل به هواء آخر، و يفسد إلى أن يجري جريانا صالحا.
و أجيب عنه: بأنّ جرم الإناء لصلابته يعسر تكيّفه بالكيفيات الغريبة و مع تكيّفه يشتدّ حفظه لها، و لهذا توجد الأواني الرصاصيّة أشدّ في كيفياتها الغريبة من غيرها، فالإناء لشدّة برده يحيل الهواء المحيط به ماء، و الماء لسرعة قبوله الكيفيات الغريبة يحيل الهواء-المطيف به ظاهره-عن برودته الشديدة سريعا، فلا يفسد الهواء ما دام على سطح الإناء ماء، أمّا إذا نحّي عنه و اتّصل الهواء بالسطح عاد إلى فساده [1].
و أيضا المحكوك و المخضخض يسخن من غير نار واردة عليه.
و لأنّ السخونة لو كانت بسبب النفوذ، لكانت سخونة الماء في إناء متخلخل أشدّ من سخونته في إناء مستحصف [2].
و لأنّ الإناء الملآن إذا شدّ رأسه، لا يمتنع عن التسخّن البالغ؛ فإذن قد ثبت إمكان الكون و الفساد، و إمكان الاستحالة، لكنّ المشكل هو أنّ الاستحالة إنّما تكون على التدريج الحقيقي.
و اعلم أنّ العناصر لمّا كانت أربعة، كانت أنواع الكون و الفساد على اثني عشر وجها، و هي: أن تكوّن النار من الهواء-كما في النيران الحاصلة بإلحاح النفخ على الهواء المحتقن في كير [3]الحدّادين، و بالعكس-كما في انطفائها ها هنا-و تكوّن الهواء من الماء بتبخّر الماء المسخن و بالعكس-كما في الكائن على أطراف الإناء المفروض و تكوّن الماء من الأرض-كما يفعله طلاّب الإكسير؛ فإنّهم يصيّرونها أملاحا بالإحراق، و ما يجري مجراه، ثمّ يذيبونها بالماء-و بالعكس-كما في الماء الذي ينعقد حجرا بعد خروجه من منابعه-و تكوّن الماء من البارد، و بالعكس، و تكوّن الهواء من الأرض، و بالعكس، و تكوّن النار من الأرض، و بالعكس.
و هذه التكوّنات حاصلة بتكوّن سابق عليها؛ فإنّ الأطراف لا يتكوّن بعضها من