و هذا الكلام ضعيف جدّا؛ فإنّ الطبيعة إذا كانت جوهرا، لم يكن فيها تضادّ على رأيهم، فإن عنوا بتضادّ الصورتين ما يتضادّ أثره، كان إثبات النتيجة بنفسها.
و إن فسّروا الضدّين بالمتعاقبين على محلّ واحد و بينهما غاية الخلاف و لا يخصّص الموضوع، فنقول: الصور غير محسوسة فكيف يعلم غاية الخلاف إلاّ بالأثر؟ ، فإن حذف عن الحدّ «غاية الخلاف» ، كانت صورة الهواء و الماء متضادّتين، مع اقتضائهما الرطوبة.
[40]سرّ
الحركة قد تكون إلى الوسط لا بمعنى أنّها تبلغ نهاية الوسط، بل تكون متّجهة إليه.
و قد تكون عن الوسط لا بمعنى أنّها متحرّكة عن حاقّ الوسط.
و قد تكون على الوسط. و هو تارة يكون الوسط مركزا له كالمحدّد و سائر الممثّلات، و تارة يكون خارجا عنه كما في الأفلاك الخارجة المراكز.
و هذا الأخير يفرض له القرب من الوسط و البعد عنه؛ لا لأنّه يتحرّك إليه أو عنه بالذات، بل إنّما يتحرّك بالذات على مداره و عرض لمداره إن كان جزء منه أقرب و جزء أبعد.
و لو كان القرب هو المطلوب الذاتيّ، لكان يقف عنده، و لكان يتحرّك إليه على أقرب المسافات و هو الاستقامة، فالمتحرّك بالطبع إلى الوسط هو الثقيل، و عنه هو الخفيف.
و قد يقال: الثقيل و الخفيف بالإضافة؛ فالثقيل الإضافي على قسمين:
أحدهما: إنّه الذي بطباعه يتحرّك في أكثر المسافة الممتدّة بين حدّي الحركة المستقيمة، حركة إلى الوسط، و لا يبلغه و قد تتّفق علّته [2]أن يتحرّك عن الوسط، و لا تكون هاتان الحركتان متضادّتين على ما ذهب إليه بعضهم مثل الماء إذا حصل في حيّز الهواء و الأرض.
و الثاني: إنّه الذي إذا قيس إلى الثقيل بالطبع، كان الثقيل سابقا له إلى الوسط،