نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 294
الحركة من السواد إلى البياض و من كون الحركة إلى السواد من البياض؛ فإنّهما لو كانا إلى الشفّاف و من الشفّاف لم تكن ثمّة حركات فضلا عن تضادّها؛ فلم يبق إلاّ «ما منه» و «ما إليه» معا؛ فإنّهما إذا كانا ضدّين تضادّت الحركات كالحركة من السواد إلى البياض و من البياض إلى السواد.
ثمّ قالوا: إنّ «ما منه» و «ما إليه» قد يتضادّان بالذات كالسواد و البياض، و قد يتضادّان بالعرض. و هذا على قسمين:
أحدهما: أن يكون التضادّ عارضا لهما لا من حيث الحركة، بل من جهة عارضين آخرين، ككون أحدهما في غاية القرب من الفلك و الآخر في غاية البعد عنه حتّى صار أحدهما سفلا و الآخر علوا.
و الآخر: أن يكون التضادّ إنّما عرض لهما من حيث عروض أمرين لهما باعتبار الحركة، ككون أحدهما مبدأ و الآخر منتهى؛ فإنّ التقابل بينهما تقابل التضادّ، و يقابلان الحركة مقابلة التضايف؛ فإنّ المبدأ مبدأ لذي المبدإ.
قالوا: و لا نزاع في أنّ الأوّل يقتضي التضادّ. و أمّا الأخيران فقد نازع فيهما جماعة؛ ذهبوا إلى أنّ التضاد إذا كان عارضا لشيئين، لم يقتض أن يكون عارضا لعارضي الشيئين إلاّ بالعرض [1].
قالوا: و هذا خطأ؛ فإنّه ليس يجب إذا كان التضادّ عارضا لشيء أن يكون عارضا لما يعرض للشيء؛ فإنّه جاز أن يكون التضادّ لهذا العارض بالذات و للمعروض بسببه كما أنّ الحارّ و البارد يتضادّان بالعوارض و هي الحرارة و البرودة اللتان هما متضادّتان لذاتيهما.
و الحركة ها هنا كذلك؛ فإنّ تعلّق الحركة ب «ما منه» و «ما إليه» لا مطلقا حتّى إذا كان التضادّ عارضا لهما، كان عارضا للحركات.
و لكن تعلّق الحركات ب «ما منه» و «ما إليه» من حيث إنهما مبدأ و منتهى؛ فإنّ الحركة بجوهرها تقتضي التقدّم و التأخّر، فهي تتضمّن المبدأ و المنتهى إمّا بالفعل و إمّا بالقوّة