و هذا فيه خلل أيضا؛ فإنّ الكمال الأوّل أرادوا به الكمال السابق، و المعنيّ بالسبق ها هنا هو السبق الزماني؛ فيكون قد أخذ الزمان في تعريف الحركة.
على أنّ تصوّر الكمال لا يخلو من خفاء.
و للقدماء تعريفات أخر دوريّة كقولهم: «الحركة هي الغيريّة إذا كانت تفيد تغيّر الحال» أو «هي زوال من حال إلى حال» أو «سلوك من قوّة إلى فعل» ؛ فإنّ [2]المفيد لشيء لا يجب أن يكون نفس ذلك الشيء و الزوال و السلوك من الألفاظ المرادفة للحركة [3].
[1]سرّ
الحركة تطلق على معنيين:
أحدها: الأمر المتّصل المعقول [4]للمتحرّك بين المبدإ و المنتهى.
الثاني: التوسّط بين المبدإ المفروض و النهاية بحيث أيّ حدّ يفرض، لا يوجد المتحرّك قبله و لا بعده فيه.
و هذا التوسّط هو صورة الحركة، و هو صفة واحدة، لا تتغيّر ما دام متحرّكا؛ بل قد تتغيّر حدود التوسّط، و ليس المتحرّك متوسّطا لوجوده [5]في حدّ دون آخر؛ بل لأنّه بحيث أيّ حدّ تفرضه لا يكون قبله و لا بعده فيه.
قال الشيخ: و الأوّل لا يحصل في الأعيان، و إنّما حصوله في الذهن؛ لأنّه لا يحصل و المتحرّك بين المبدإ و المنتهى، و إنّما يتوهّم حصوله إذا كان المتحرّك عند المنتهى، و هناك يكون هذا المعنى المعقول قد انقطع، و عدم؛ فليس له ذات قائمة في الأعيان، و ارتسامه في الذهن؛ لأنّ المتحرّك، له نسبة إلى مكان متروك، و آخر مطلوب، فيرتسم في
[1] . «الشفاء» الطبيعيّات 1:83؛ «المباحث المشرقيّة»2:409؛ «شرح المقاصد»2:409؛ «شرح المواقف»6:189 نقلا عن أرسطو و أتباعه.
[2] . قوله «فإنّ المفيد» إلخ بيان دوريّة التعريف الأوّل و قوله: «الزوال و السلوك» إلخ بيان دوريّة الثاني و الثالث.