responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 624

والدولة، فإنّه يرى اعتبار وتأثير الضرورات الاجتماعية والأخلاقية على مستوى كونها مرتكزات واقعية للقواعد الحقوقية. ويعتقد أصحاب هذا المذهب أنّ الأخلاق حاكمة على الحقوق، وتعدّ معياراً لتقييمها، فالأخلاق تجري في تفاصيل القضايا الحقوقية كجريان الدم في البدن، والحقوق تمثّل الرواسب التاريخية للأخلاق الاجتماعية [1].

إنّ مهارة الحكّام تتجلّى في عملية استفادتهم من العناصر الأخلاقية لصالحهم، لأنّ القانون الذي يتوافق وينسجم مع طبيعة القيم الأخلاقية السائدة بين الناس يسهل أمر تطبيقه، والأخلاق مضافاً إلى تدخّلها في وضع القاعدة الحقوقية، فإنّها تؤثّر أيضاً في كيفية تفسيرها وتطبيقها على واقع الحياة، بل إنّها تتمتّع بالصلاحية لإلغاء تأثير القاعدة الحقوقية، وعلى هذا الأساس فإنّ الأخلاق هي العامل الأساس لإيجاد الحقوق، ولا ينبغي أن نتصوّر أنّها أحد المباني التي يقرّر الحقوقيون معالم الحقوق على أساسها في عملية التقنين وفي المباني الحقوقية [2].

والنقطة الملفتة للنظر هنا أنّ أحد كبار أتباع المذهب النفسيّ في الحقوق، أي الحقوقيّ الفرنسيّ المعروف ريبر لا يرى أنّ المثل الأخلاقية تتمحور حول المفهوم الكلّي للعدل، لأنّ هذا المفهوم مادام باقياً في دائرة كلّيته وإبهامه، ويحتمل تفاسير متعدّدة، فإنّه لا يتمكّن من وضع أحكام صارمة وقوية لإدارة أمور الحياة الاجتماعية.

وكذلك يرى ريبر أنّ العدالة إذا أُخذت منفصلة عن الدِّين فإنّها ستكون ناقصة ويحيط بها الإبهام والغموض، ويصرّح بأن: «لا ينبغي للحقوقيين الفرنسيين الغفلة عن أنّ الحقوق يجب إجراؤها في أجواء المجتمع البشري الذي يقوم على أساس الأخلاق المسيحية» [3].

نقد ومناقشة:

إنّ اهتمام مذهب علم النفس الحقوقي بالأخلاق وتأثيرها الكبير في صياغة وتفسير وإجراء القواعد الحقوقية، يعتبر عملًا محموداً وقيّماً، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ الأخلاق في المجتمعات غير الدينية ليست أمراً ثابتاً، بل واقعة تحت تأثير عوامل أخرى كالعامل الاقتصادي والقوى السياسية، بحيث لا يمكن اعتبار الأخلاق عاملًا أصلياً في إيجاد الحقوق. وعليه فإنّ ما يؤثّر تأثيراً كبيراً في ظهور الحقوق في الواقع الاجتماعي ليست الأخلاق الفردية، بل الأخلاق الإجتماعية التي بدورها متأثّرة بمجموعة عوامل من قبيل العامل الاقتصادي والسياسي والثقافي والإجتماعي.

والنتيجة أنّ هذا المذهب قد بالغ إلى حدّ ما في مقولة تأثير الأخلاق في الحقوق، ومن جهة أخرى أغفل تأثير أمور أخرى، كالعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أو لم يهتمّ بدراستها بدقّة.

3. المذهب الواقعيّ للحقوق (رئاليسم) في‌أمريكا: وطبقاً لرؤية هذا المذهب، فإنّ الحقوق تنشأ من آراء


[1]. الحقوق المدنية، تأليف ريبر وبولانجه، ج 1، العدد 53؛ القاعدة الأخلاقية في المواثيق المدنية، تأليف ريبر، العدد 14؛ القوى البناءة للحقوق، العدد 69 نقلًا عن فلسفة الحقوق، ج 1، ص 396 (بالفارسيّة).

[2]. انظر: فلسفة الحقوق، ج 1، ص 396 و 397 (بالفارسيّة).

[3]. القاعدة الاخلاقية في المواثيق المدنية، العدد 17، نقلًا عن فلسفة الحقوق، ج 1، ص 397- 401 (بالفارسيّة).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست