فان الخروج عن الضمان علق فيه على التأدية، ومن البعيد ان يكون الخروج عنه في البابين مختلفا، فكما ان التأدية الموجبة للخروج عنه صادقة مع جعله تحت استيلائه والتخلية بينه وبين المأخوذ بحيث له ان يفعل فيه ما يشاء كذلك القبض، فانه ايضا كذلك. فتحصل ان اعتبار التصرف الخارجي والنقل ونحوهما غير مرضي ولم يدل عليه دليل، بل العرف على خلافه، والشواهد في شتات الروايات على عدمه - كالتعبير فيها بالقبض تارة وبالاخذ اخرى، وبالتأدية ثالثة، وبالرد رابعة، وبالتسليم والتحويل ونحوهما خامسة - مما يشرف المتأمل على القطع بأن المراد منها معنى واحد، وهو ما فهمه العرف منها من كفاية الاستيلاء والاستبداد، ومع ذلك لابد في كل باب من المراجعة والتأمل في لسان الادلة، وما ذكرناه هو القاعدة الكلية، إلا ان يدل دليل على خلافه. وقد يتوهم قيام الدليل على الخلاف في المكيل والموزون، وان القبض فيهما بالكيل والوزن مستشهدا بروايات ليس في شئ منها ما يدل على ان الكيل أو الوزن بمجرده قبض، وإن لم يجعلهما تحت استيلاء المشتري، وبعبارة اخرى ليس فيها ما يدل على قيام كيل البائع بلا مساس بالمشتري مقام قبضه بل مثل ذلك قطعي الفساد ولم يدل عليه دليل. وما تمسكوا به لذلك روايات: منها صحيحة معاوية بن وهب [1] قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبيع البيع قبل ان يقبضه فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه " وصحيحة الحلبي [2] عن أبي عبد الله عليه السلام " انه قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل ان يكال، قال: لا يصلح له ذلك " [1] و [2] الوسائل - الباب - 16 - من ابواب احكام العقود - الحديث 11 - 5.