وأغرب من ذلك قوله
متصلا بما سمعت : « وبقي البحث في تعليق الاستدعاء على الشرط ، وقد تقدم تجويزه
وفي التحرير لو قالت إن طلقتني واحدة فلك على ألف فطلقها فالأقرب ثبوت الفدية ،
وهو تعليق محض ، إلا أن يقال بأن الاستدعاء يتوسع فيه ، ومن ثم لم يختص بلفظ بخلاف
الخلع الواقع من الزوج ، وفي الحقيقة كل لفظ يتقدم منهما فهو معلق على الآخر ، ومن
ثم قلنا : إنه مع تأخير القبول من جانبها يكون في الخلع شائبة الشرط ، إلا أنهم
اعتبروا في نفس الخلع الذي هو عبارة عن اللفظ الواقع من الزوج تجرده عن صورة الشرط
بخلاف اللفظ الواقع منها ، ولو جعلنا الخلع عبارة عن العقد المركب منهما أشكل
الفرق ، وعلى ما ذكره في تعريف الخلع في التحرير ـ من أنه عبارة عن بذل المرأة
المال للزوج فدية لنفسها ـ يقوى الاشكال ، خصوصا في حكمه الذي حكيناه عنه ».
قلت : هو من غرائب
الكلام ، ومناف لما أسلفه سابقا جازما من جواز التعليق في استدعائها الذي هو عنده
أحد ركني المعاوضة ، وقد تقدم مناقشتنا له في ذلك ، والتوسع في الاكتفاء عنه بكل
لفظ لا مدخلية له في جواز التعليق ، ضرورة ثبوت التوسع في القبول في سائر العقود
الجائزة المعلوم عدم جواز التعليق فيها وأغرب من ذلك قوله : « وفي الحقيقة كل لفظ
» إلى آخره ، إذ قد عرفت أن ذلك تعليق شرعي لا إنشائي.
نعم قد يقال : إن
ذلك منهم بناء على جواز التعليق عندهم في بذلها مؤيد لما قلناه من عدم كونها معاوضة
حقيقية مشتملة على الإيجاب والقبول ، بل البذل منها داع على صدور الطلاق منه عليه
، فحينئذ لا يقدح تعليقه ، إذ ليس قبول إيجاب وإنشاء معاوضة ، وإن جرى عليه بعض
أحكامها من الفورية مثلا وغيره ، للإجماع أو لأنه المتيقن من صحة الخلع المخالف
للأصل ، كما عرفت ذلك مكررا.