للحكم الواقعي أو الظاهري إنما هو بلحاظ الأفراد الخارجية لا العناوين فإنه يحتاج إلى عناية زائدة فعموم قولنا أكرم كل عالم إنما هو بلحاظ افراده لا بلحاظ أنواعه من الفاسق و العادل و غيرهما و على ذلك فكما ان العموم في الشبهات الموضوعية بلحاظ الأفراد كما أفاده (قده) فكذلك الأمر في الشبهات الحكمية غاية الأمر ان منشأ الشك (تارة) يكون هو الجهل بالحكم المجعول الشرعي (و أخرى) من جهة الأمور الخارجية و هذا لا يوجب اختلافا في ناحية العموم (فتلخص) من جميع ما ذكرناه اختصاص الروايات بخصوص قاعدة الطهارة أو الحلية أعم من الشبهات الحكمية و الموضوعية نعم في شمول قوله (عليه السلام) كل شيء فيه حلال و حرام للشبهات الحكمية إشكال تعرضنا له في مبحث البراءة فراجع (ثم ان شيخنا العلامة الأنصاري (قده)) بعد ما منع من دلالة قوله (عليه السلام) كل شيء طاهر أو حلال على الاستصحاب و بين على اختصاص الروايتين بقاعدة الطهارة و الحلية سلم دلالة قوله (عليه السلام) الماء كله طاهر حتى تعلم انه نجس على الاستصحاب و ذلك لأن الاشتباه في نجاسة الماء لا يكون إلا من جهة احتمال عروض النجاسة غالبا لأن طهارة الماء في حد ذاته مما هو مرتكز في الأذهان و هذا بخلاف الروايتين السابقتين فإن الموضوع فيهما لكونه هو عنوان الشيء فاحتمال نجاسته لا يلازم العلم بالطهارة سابقا كما هو ظاهر (و لا يخفى) ان هذه التفرقة و إن كانت في محلها إلا ان مجرد وجود حالة سابقة للشيء خارجا و كونه مرتكزا في الأذهان لا يوجب حمل الرواية على الاستصحاب إذ الحكم الاستصحابي يحتاج إلى عناية ملاحظة البقاء حتى يكون متعلق الحكم هو استمرار ما ثبت وجوده و إلا فالحكم بنفس الطهارة في ظرف الشك و لو لأجل احتمال عروض النجاسة من دون مراعاة الحالة السابقة بل لأجل نفس الشك لا يكون استصحابا كما هو واضح (و منها) رواية عبد اللَّه بن سنان فيمن يعير ثوبه الذمي و هو يعلم انه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير قال فهل علي أن أغسله قال (عليه السلام) لا لأنك أعرته إياه و هو طاهر و لا يخفى أن الرواية ظاهرة في ان مدرك الحكم بعدم وجوب الغسل هو العلم بالطهارة سابقا و الشك في عروضها لاحقا و مع إلغاء خصوصية المقام من كون مورد السؤال هو خصوص الثوب المعار و خصوصية الطهارة التي تعلق بها اليقين و الشك يستدل بها على حجية الاستصحاب مطلقا (هذا غاية ما يمكن) ان يستدل به على حجية الاستصحاب و لا يخفى ان الأقوال في حجيته و ان كانت كثيرة إلا انه لا ينبغي التعرض لها و لما يرد عليها بعد عموم الأدلة و عدم اختصاصها بخصوصية و قد تعرضنا