و مقتضى حكم العقل تقديم جانب الأمر الأهمّ
لا انّه وردت به رواية، و هكذا لو منع من نفيه مانع آخر فإنّه ينتظر زواله و لا
يرفع النفي عنه فينتظر زواله فينفى بعده و ان طالت المدّة.
و منها انه هل مؤنته و مخارجه في تلك المدّة على نفسه
حتّى يشتغل في منفاة بعمله و حرفته و يديم تجارته و صنعته أو انّها
على الامام و في بيت مال المسلمين؟
مقتضى القاعدة انّه لو كان له مال فلا وجه لأداء مخارجه و مصارفه عن
بيت المال، فهي على نفسه بمقتضى تمكّنه و يساره و انّه بنفسه و بسوء اختياره صار
سببا لوقوعه في هذا الابتلاء، بل لعلّ الأمر كذلك لو لم يكن له مال بالفعل الّا
انّ له صنعة و حرفة يمكن له الاكتساب بهما و بعمله فإنّه يكلّف بذلك و يكون مؤنته
على نفسه و في حاصل عمله و كسبه، كما انّ مخارج عائلته و مؤنتهم أيضا يجب عليه لو
أمكن و تيسّر له بواحد من الوجهين و لو لم يتمكّن من أداء مؤنتهم و مصارفهم فإنّه
يؤخّر نفيه الى رفع المانع عنه.
و امّا لو لم يكن له مال و لا له شغل و عمل يتمكن به من ادارة معاشه
فان رزقه و مؤنته على الامام و يدفع اليه من بيت المال.
هذا إذا كان هناك بيت مال أمكن التوفّر منه عليه و الّا فلو لم يكن
كذلك فمؤنته على المسلمين و حينئذ يمكن أداءها من الزكوات و الصدقات و أموال
الفقراء و سهامهم. و هذا البحث جار بالنسبة إلى المحبوسين و المسجونين أيضا.
بقي في المقام أمران
ثم انّه قد بقي في المقام أمران لا بدّ من التعرّض لهما.
أحدهما انّه هل تعتبر مراعاة الترتيب بين الأمور الثلاثة و العقوبات
المذكورة أو انّه لا ترييب في البين و انّما اللازم الإتيان بهذه الأمور كيف
اتّفق؟
الظاهر هو وجوب تقديم الجلد و الجزّ على النفي و ذلك لانّه تقديمهما
فقد أسرع في إيقاع حدّ اللَّه تعالى، و ذلك لعدم افتقارهما الى وقت كثير بخلاف