نام کتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة نویسنده : البحراني، الشيخ يوسف جلد : 22 صفحه : 392
أقول: ينبغي أن يعلم أولا أنه لا خلاف كما عرفت آنفا في أن الملك في الوصية متوقف على الإيجاب و القبول و موت الموصي، فبدون الثلاثة المذكورة لا يحصل الملك قطعا، و انما اختلفوا في أن القبض مع ذلك هل هو شرط في تحقق الملك أم ليس بشرط.
فقيل: بالأول كالهبة و الوقف، لاشتراكهما في العلة المقتضية له، و هو العطية المتبرع بها مع أولوية الحكم في الوصية، من حيث ان العطية في الهبة و ما في معناها منجزة، و في الوصية مؤخرة، و الملك في المنجز أقوى منه في المؤخر، بقرينة نفوذ المنجز الواقع من الأصل على خلاف، بخلاف المؤخر.
و قيل: بالثاني لأصالة العدم، و عموم «الأمر بالوفاء بالعقود» الشامل لموضع النزاع، و بطلان القياس، من حيث خروج الهبة و نظائرها بدليل خاص و قد تقدم، و هو لا يتناول الوصية، و الأولوية المذكورة لا تفيد الحكم المتنازع و أصل الخلاف واقع في المؤخر أيضا، كما سيأتي ان شاء الله تعالى.
أقول: و يدل على ذلك ما رواه
العباس بن عامر في الصحيح [1] قال: «سألته عن رجل أوصى له بوصية فمات قبل أن يقبضها، و لم يترك عقبا؟ قال: أطلب له وارثا أو مولى فادفعها اليه، قلت: فان لم أعلم له وليا، قال: اجهد على أن تقدر له على ولي فان لم تجده و علم الله منك الجد فتصدق بها»،.
و هو صريح في المدعى كما ترى، و هو أيضا طاهر فيما قدمنا ذكره من صحة الوصية أعم من أن يكون قبل أو لم يقبل، و بذلك تظهر لك قوة القول الثاني، و هو كون القبض ليس بشرط في ملك الوصية.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن من فروع الملك و عدمه عندهم رد الموصى له الوصية، فإن وقع الرد بعد تحقق الملك لم يؤثر رده في إبطال الملك، لأن الملك لا يزول باعراض صاحبه عنه.