نام کتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة نویسنده : البحراني، الشيخ يوسف جلد : 22 صفحه : 308
إنما كان من حيث انه إبراء، و الإبراء لازم لا رجوع فيه اتفاقا، و ظاهر الأصحاب أنه لا ينحصر في لفظ، بل كلما أدى هذا المعنى من لفظ الإبراء أو العفو أو الهبة أو الإسقاط أو نحو ذلك، فإنه تحصل به البراءة و فراغ الذمة و قد أطلق عليه لفظ العفو في قوله عز و جل [1]«إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» و حيث ان الأصحاب قد اختلفوا في أن الإبراء هل يتوقف صحته على القبول أم لا؟ و الهبة هنا في معنى الإبراء كما عرفت، اختلفوا في اشتراط القبول فيها، فكل من أوجبه ثمة أوجبه هنا و من لا فلا، و المشهور بين الأصحاب العدم، و نقل في المختلف القول بالاشتراط عن الشيخ في المبسوط و ابن زهرة و ابن إدريس، قال: قال الشيخ في المبسوط:
قال قوم من شرط صحته قبوله، و ما لم يقبل فالحق ثابت بحاله، و هو الذي يقوي في نفسي، إلا أن شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ذكر أن كلام الشيخ في المبسوط هنا مختلف، ففي أول المسئلة قواه، و في آخره قوى القول الآخر قال:
فإطلاق جماعة نسبة القول باشتراطه اليه ليس بجيد.
احتج القائلون بعدم الاشتراط بالأصل، و بأنه إسقاط لا نقل شيء إلى الملك فهو بمنزلة تحرير العبد.
أقول: و يدل عليه ظاهر قوله عز و جل [2]«إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» حيث اكتفى في سقوط الحق بمجرد العفو، و القبول غير داخل في مسماه قطعا، و استدل أيضا على ذلك بقوله عز و جل [3]«فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ» حيث اعتبر مجرد الصدقة و لم يعتبر القول و قوله تعالى [4]:
«وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلىٰ أَهْلِهِ إِلّٰا أَنْ يَصَّدَّقُوا» فأسقط الدية بمجرد الصدقة و لم يعتبر القبول، و المراد بالصدقة في الآيتين الإبراء.