وأمّا التمر والزبيب وعصيرهما [1] فالأقوى عدم حرمتهما أيضاً بالغليان وإن كان الأحوط الاجتناب عنهما أكلاً ، بل من حيث النجاسة أيضاً [2] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى يمكن غليانه في جوفه ، بل العنب ـ على ما شاهدنا جميع أقسامه ـ نظير الخيار والبطِّيخ والرقِّي مشتمل على لحم فيه رطوبة وكلما وردت عليه ضغطة خرج منه ماؤه وبقيت سفالته . نعم ، الماء الخارج من العنب أكثر مما يمكن استخراجه من الخيار وكيف كان ، فلا ماء في جوف العنب حتى يغلي ، وقد مرّ أنّ الغليان هو القلب وتصاعد النازل وتنازل الصاعد ، وكيف يتصور هذا في مثل العنب والبطيخ والخيار وغيرها مما لا يشتمل على الماء في جوفه .
ثم على تقدير إمكان ذلك ووقوعه في الخارج ـ بفرض أمر غير واقع ـ فهل يحكم بحرمته قبل أن يذهب ثلـثاه ؟ التحقيق أنه لا وجه للحكم بحرمته ، لأن ما دلّ على حرمة العصير العنبي بعد غليانه إنما دلّ على حرمة مائه الذي خرج منه بعصره أو بغير عصر ، وأما ماء العنب في جوفه فحرمته تحتاج إلى دليل ، ولم يدلنا دليل على أن ماء العنب إذا غلى في جوفه حرم حتى يذهب ثلثاه .
[1] المصطلح عليهما بالنبيذ ، فيقال : نبيذ الزبيب أو التمر ولا سيما في الأخير ، كما أن المصطلح عليه في ماء العنب هو العصير كذا ذكره صاحب الحدائق (قدس سره) [1] .
[2] إذا نبذ الزبيب أو التمر في ماء وأكسبه حلاوة ثم غلى ذلك الماء بسبب فهل يحكم بحرمته ونجاسته أو أنه محكوم بالطهارة والحل ؟
أمّا النجاسـة فظاهرهم الاتفاق على عدمها بعد بطلان التفصيل المتقدِّم [2] عن ابن حمزة في الوسيلة الذي اختاره شيخنا شيخ الشريعة (قدس سره) ، حيث ذهب إلى نجاسة العصير فيما إذا غلى بنفسه وعدم ارتفاعها إلاّ بانقلابه خلاً بلا فرق في ذلك بين العصير العنبي وعصيري التمر والزبيب . وقد ذكر في الحدائق أني لم أقف على قائل
ــــــــــــــــــــــــــــ [1] الحدائق 5 : 125 .