نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 344
وبث دين الحق ، وحكم
العدل ، وقطع دابر الباطل وسيلة إلا القتال ، فإن التجارب الممتد من لدن كان
الانسان نازلا فيهذه الدار يعطي أن الحق إنما يؤثر إذا أميط الباطل ، ولن يماط إلا
بضرب من إعمال القدرة والقوة.
وبالجملة ففي الآيات تلويح إلى إقبال
هذه المحنة بذكر القتل في سبيل الله ، وتوصيفه بوصف لا يبقى فيه معه جهي مكروهة ،
ولا صفة سوء ، وهو أنه ليس بموت بل حيوة ، وأي حيوة !
فالآيات تستنهض المؤمنين على القتال ،
وتخبرهم أن أمامهم بلاء ومحنة لن تنالوا مدارج المعالي ، وصلوة ربهم ورحمته ،
والاهتداء بهدايته إلا بالصبر عليها ، وتحمل مشاقها ، ويعلمهم ما يستعينون به
عليها ، وهو الصبر والصلوة ، أما الصبر : فهو وحده الوقاية من الجزع واختلال أمر
التدبير ، وأما الصلوة : فهي توجه إلى الرب ، وانقطاع إلى من بيده الامر ، وأن
القوة لله جميعا.
قوله
تعالى :يا أيها الذين آمنوا إستعينوا بالصبر والصلوة
إن الله مع الصابرين الآية ، قد تقدم
جملة من الكلام في الصبر والصلوة في تفسير قوله : ( واستعينوا بالصبر
والصلوة وأنها لكبيرة إلا على الخاشعين )
البقرة ـ ٤٥ ، والصبر : من أعظم الملكات والاحوال التي يمدحها القرآن ، ويكرر
الامر به حتى بلغ قريبا من سبعين موضعا من القرآن حتى قيل فيه : ( إن ذلك من
عزم الامور )
لقمان ـ ١٧ ، وقيل : ( وما يلقيها إلا الذين
صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم )
فصلت ـ ٣٥ ، وقيل : ( إنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب )
الزمر ـ ١٠.
والصلوة : من أعظم العبادات التي يحث
عليها في القرآن حتى قيل فيها : ( إن الصلوة تنهى عن
الفحشاء والمنكر )
العنكبوت ـ ٤٥ ، وما أوصى الله في كتابه بوصايا إلا كانت الصلوة رأسها وأولها.
ثم وصف سبحانه الصبر بأن الله مع
الصابرين المتصفين بالصبر ، وإنما لم يصف الصلوة ، كما في قوله تعالى : ( وأستعينوا
بالصبر والصلوة وإنها لكبيرة الآية
) ، لان المقام
في هذه الآيات ، مقام ملاقات الاهوال ومقارعة الابطال ، فالاهتمام بأمر الصبر أنسب
بخلاف الاية السابقة ، فلذلك قيل : إن الله مع الصابرين ، وهذه المعية غير المعية
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 344