نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 343
( بيان )
خمس آيات متحدة السياق ، متسقة الجمل ،
ملتئمة المعاني ، يسوق أولها إلى آخرها ويرجع آخرها إلى أولها ، وهذا يكشف عن
كونها نازلة دفعة غير متفرقة وسياقها ينادي بأنها نزلت قبيل الامر بالقتال وتشريع
حكم الجهاد ، ففيه ذكر من بلا سيقبل على المؤمنين ، ومصيبة ستصيبهم ، ولا كل بلاء
ومصيب ، بل البلاء العمومي الذي ليس بعادي الوقوع مستمر الحدوث ، فإن نوع الانسان
كسائر الانواع الموجودة في هذه النشأة الطبيعية لا يخلو في أفراده من حوادث ،
جزئية يختل بها نظام الفرد في حيوته الشخصية : من موت ومرض وخوف وجوع وغم وحرمان ،
سنة الله التي جرت في عباده وخلقه ، فالدار دار التزاحم ، والنشأة نشأة التبدل
والتحول ، ولن تجد لسنة الله تحويلا ولن تجد لسنة الله تبديلا.
والبلاء الفردي وإن كان شاقا على الشخص
المبتلى بذلك ، مكروها ، لكن ليس مهولا مهيبا تلك المهابة التى تترائى بها البلايا
والمحن العامة ، فإن الفرد يستمد في قوة تعقله وعزمه وثبات نفسه من قوى سائر
الافراد ، وأما البلايا العامة الشاملة فإنها تسلب الشعور العمومي وجملة الرأي
والحزم والتدبير من الهيئة ، المجتمعة ، ويختل به نظام الحيوة منهم ، فيتضاعف
الخوف وتتراكم الوحشة ويضطرب عندها العقل والشعور وتبطل العزيمة والثبات ، فالبلاء
العام والمحنة الشاملة أشق وأمر ، وهو الذي تلوح له الآيات.
ولا كل بلاء عام كالوباء والقحط بل بلاء
عام قربتهم منها أنفسهم ، فإنهم أخذوا دين التوحيد ، وأجابوا دعوة الحق ، وتخالفهم
فيه الدنيا وخاصة قومهم ، وما لهؤلاء هم إلا إطفاء نور الله ، واستيصال كلمة العدل
، وإبطال دعوة الحق ، ولا وسيلة تحسم مادة النزاع وتقطع الخلاف غير القتال ، فسائر
الوسائل كإقامة الحجة وبث الفتنة ، وإلقاء الوسوسة والريبة وغيرها صارت بعد عقيمة
غير منتجة ، فالحجة مع النبي والوسوسة والفتنة والدسيسة ما كانت تؤثر أثرا تطمئن
إليه أعداء الدين فلم يكن عندهم وسيلة إلا القتال والاستعانة به على سد سبيل الحق
، وإطفاء نور الدين اللامع المشرق. هذا من جانب الكفر ، والامر من جانب الدين أوضح
، فلم يكن إلى نشر كلمة التوحيد ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 343