نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 345
التي يدل عليه قوله
تعالى : ( وهو معكم أينما كنتم ) الحديد ـ ٤ ، فإنها معية الاحاطة
والقيمومة ، بخلاف المعية مع الصابرين ، فإنها معية إعانة فالصبر مفتاح الفرج.
قوله
تعالى :ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل
أحياء ولكن لا تشعرون الآية ، ربما يقال :
إن الخطاب مع المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله واليوم الاخر وأذعنوا بالحيوة
الاخرة ، ولا يتصور منهم القول ببطلان الانسان بالموت ، بعد ما أجابوا دعوة الحق
وسمعوا شيئا كثيرا من الايات الناطقة بالمعاد ، مضافا إلى أن الاية إنما تثبت
الحيوة بعد الموت في جماعة مخصوصين ، وهم الشهداء المقتولون في سبيل الله ، في
مقابل غيرهم من المؤمنين ، وجميع الكفار ، مع أن حكم الحيوة بعد الموت عام شامل
للجميع فالمراد بالحيوة بقاء الاسم ، والذكر الجميل على مر الدهور ، وبذلك فسره
جمع من المفسرين.
ويرده
أولا : أن كون هذه حيوة إنما هو في الوهم
فقط دون الخارج ، فهي حيوة تخيلية ليس لها في الحقيقة إلا الاسم ، ومثل هذا الموضوع
الوهمي لا يليق بكلامه ، وهو تعالى يدعو إلى الحق ، ويقول : ( فما ذا
بعد الحق إلا الضلال )
يونس ـ ٣٢ ، وأما الذي سئله إبراهيم في قوله ( واجعل لي لسان صدق في
الاخرين )
الشعراء ـ ٨٤ ، فإنما يريد به بقاء دعوته الحقة ، ولسانه الصادق بعده ، لا حسن
ثنائه وجميل ذكره بعده فحسب.
نعم هذا القول الباطل ، والوهم الكاذب
إنما يليق بحال المادين ، وأصحاب الطبيعة ، فإنهم اعتقدوا : مادية النفوس وبطلانها
بالموت ونفوا الحيوة الآخرة ثم أحسوا بإحتياج الانسان بالفطرة إلى القول ببقاء
النفوس وتأثرها بالسعادة والشقاء ، بعد موتها في معالي أمور ، لا تخلو في الارتقاء
إليها من التفدية والتضحية ، لا سيما في عظائم العزائم التي يموت ويقتل فيها أقوام
ليحيي ويعيش آخرون ، ولو كان كل من مات فقد فات لم يكن داع للانسان ( وخاصة إذا
اعتقد بالموت والفوت ) أن يبطل ذاته ليبقى ذات آخرين ، ولا باعث له أن يحرم على
نفسه لذة الاستمتاع من جميع ما يقدر عليه بالجور ليتمتع آخرون بالعدل ، فالعاقل لا
يعطي شيئا إلا ويأخذ بدله وأما الاعطاء من غير بدل ، والترك من غير أخذ ، كالموت
في سبيل حيوة الغير ، والحرمان في طريق
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 345