إلّا أنّ تقييد المشكوك فيه بالقيود المذكورة في الأخبار من كونه قد مضى أو جاوزه أو خرج منه، الظاهرة- بل الصريحة- في كون وجوده مفروضا يوجب إرادة الشكّ في شيء منه شرطا أو شطرا لكنّ المورد في الرواية الاولى و الثالثة لمّا كان هو الشك في أصل الوجود- كما يظهر من صدرهما- تعيّن حمل التجاوز و المضيّ و الخروج على مضيّ المحلّ و التجاوز و الخروج عنه، فيبقى قوله: «شك فيه» باقيا على معناه اللغوي و العرفي من الشكّ في أصل وجوده، و حينئذ فالمراد بالشكّ في الشيء- في الرواية الثانية-: «كلما شككت فيه ممّا قد مضى»، و مثل قوله: «إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» [1] و قوله- بعد السؤال عن رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ. «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشك» [2] و قوله:
«كلّ ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكّرا، فامضه، فلا إعادة عليك فيه» [3] هو الشكّ في شيء منه جزء أو شرطا.
و يحتمل أن يراد من «الشكّ» في الروايتين المتقدّمتين: الأعم من الشكّ في الوجود و الشكّ في الصحّة، و يراد من الخروج عنه و التجاوز: التجاوز عن محلّه، لكنّه بعيد.
و يترتب على ذلك أنّه إذا شكّ في وقوع فعل من أفعال الصلاة على الوجه الصحيح و لم يدخل في غيره، فعلى المعنى الأعم يرجع إلى المشكوك فيه لمفهوم الروايتين، و على المختار يخرج عن مورد مفهومهما و يدخل في الروايات الأخيرة الدالة على عدم الالتفات.
بل على المعنى الأعم أيضا لا بدّ من تقييد الروايتين بتلك الأخبار، لأنّ النسبة بينهما و إن كان عموما من وجه إلّا أنّ للأخبار الأخيرة ظهورا تامّا في
[1] الوسائل 1: 330 الباب 42 من أبواب الوضوء، الحديث 2.
[2] الوسائل 1: 331 الباب 42 من أبواب الوضوء، الحديث 7.
[3] الوسائل 1: 331 الباب 42 من أبواب الوضوء، الحديث 6.