أَنْ تَضِلُّوا[1] كما ذكره جمع من المفسّرين [2]، و «أَوْ يُحٰاجُّوكُمْ» صلة «يُؤْتىٰ»، و «أَوْ» بمعنى إلى، أي: إلى أن يحاجّوكم، و جملة «قُلْ إِنَّ الْهُدىٰ» معترضة، و المعنى- و اللّه يعلم-: أنّه احتال طائفة من أهل الكتاب في ردّ المسلمين إلى الكفر فقال بعضهم لبعض: آمنوا بمحمّد (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في أوّل النهار من غير اعتقاد، ثمّ أظهروا الكفر في آخره قائلين و معتذرين إنّا نظرنا في كتابنا و باحثنا علماءنا فوجدنا محمّدا (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ليس بذلك المنعوت في كتبنا فظهر لنا كذبه، لعلّ المسلمين إذا رأوا ذلك منكم شكّوا و قالوا ما رجعوا و هم أحبار؛ قد آمنوا باختيار من غير طمع و لا اضطرار إلّا لأمر ظهر عليهم في بطلان الإسلام فرجعوا إلى الكفر، وَ لٰا تُؤْمِنُوا أي: و لا تعتقدوا و لا تصدّقوا لأحد يدّعي النبوّة إِلّٰا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ و هو موسى (عليه السلام) فإنّ كلّ نبيّ تابع لدينه متديّن بما جاء به من عند ربّه.
و يحتمل أن يكون الكلام على القلب كما في قوله: «عرضت الناقة على الحوض»، و «كما طيّنت بالفدن السياعا» [3] على المشهور، أي إلّا لمن تبعتم دينه.
و بالجملة؛ لٰا تُؤْمِنُوا إلّا لموسى و ابقوا على اليهوديّة و التمسك بالسبت أبدا كراهة أَنْ يُؤْتىٰ أَحَدٌ، و لئلّا يؤتى أحد محمّدا و المسلمون مِثْلَ مٰا أُوتِيتُمْ من الجاه و الاعتبار إذ يصير إيمانكم بدينهم سببا لتقويتهم و علوّ كلمتهم.
«أَوْ يُحٰاجُّوكُمْ» أي لئلّا يؤتى أحد مرتبتكم أو إلى يوم يحاجّوكم عند اللّه يعني: يوم القيامة، و المراد استئثار الدولة الفانية على العزّة الباقية و عزّة الدنيا مع نار الآخرة، كما في المثل السائر: «النار و لا العار» [4]، قُلْ يا محمّد!: «إِنَّ الْهُدىٰ»