بابه (عليه السلام) الذي يجيء من البيت إلى المسجد منه لاتّصاله بالفرش، و لما كان الجدار قديما و كان ذلك المحراب فيه و لم يكن موافقا للجهة شرعا تياسر (عليه السلام)، و بعده المسلمون حرّفوا و أمالوا البياض و الحمرة إلى التياسر ليعلم الناس أنّه (عليه السلام) تياسر فيه، و حمّروه ليعلموا أنّه (عليه السلام) قتل عنده، و كان تكرار البياض و الحمرة لتكرار الاندراس و الكثافة.
و لمّا خرب المسجد و اندرست الاسطوانات و الصّفات، و اختفى الفرش الأصلي و حدث فرش آخر أحدث بعض الناس ذلك المحراب الصغير، و فتح بابا صغيرا قريبا منه على السطح الجديد، و اشتهرا بمحرابه و بابه (عليه السلام).
و عرضت على الوزير و الحضّار فكلّهم صدّقوني [و قبلوا منّى] فصلّوا الصلاة المقررة المعهودة عند محرابه (عليه السلام) عنده، و قرأوا الدعاء المشهور قراءته بعد الصلاة عنده، و تياسروا في الصلاة على ما رأوا في المحراب، و أمر الوزير بزينته زائدا على زينة ساير المحاريب و تساهل المعمار فيها، فحدث ما حدث في العراق و بقي على ما كان عليه كساير المحاريب، وَ السَّلٰامُ عَلىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدىٰ، انتهى كلامه، رفع مقامه.
أقول: وجدت محاريب العراق و أبنيتها مختلفة غاية الاختلاف و أقربها إلى القواعد الرياضية قبلة حائر الحسين (عليه السلام)، و لكنّها أيضا منحرفة عن نصف النهار أقلّ ممّا يقتضيه القواعد بقليل، و أمّا ضريح أمير المؤمنين (عليه السلام) و ضريح الكاظمين (عليهما السلام)، فهما على نصف النهار من غير انحراف بيّن، و ضريح العسكريين (عليهما السلام) منحرفة عن يسار نصف النهار قريبا من عشرين درجة، و محراب مسجد الكوفة منحرفة عن يمين نصف النهار نحوا من أربعين درجة، و هو قريب من قبلة أصفهان، و ليس على ما ذكره السيد- رحمة اللّه عليه-: من كون الجدي قدّام المنكب و إلّا لكان قريبا من المغرب، و انحراف الكوفة بحسب القواعد الرياضية اثنا عشر درجة عن يمين نصف النهار، و انحراف بغداد قريب