إذا قلت: ما كادوا يرون فقد رأوا * * * و لكنّه من بعد غير حميد
و إن قلت: قد كادوا يرون فما رأوا * * * فخذه و لا تسمح به لعنيد [1]
و أنا أقول: إثبات كاد نفي لخبره بمعنى عدم وقوعه اتّفاقا.
و المشهور: أنّ نفيه إثبات له مطلقا لقوله تعالى: فَذَبَحُوهٰا وَ مٰا كٰادُوا يَفْعَلُونَ[2] و لتخطئة ابن شبرمة قول ذي الرمّة:
[إذا غيّر الهجر المحبين] لم يكد * * * رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح [3]
حيث يدلّ على زوال رسيس الهوى و تسليمه لها و تغييره ب: لم أجد [4]، و قيل: في الماضي دون المضارع لما مرّ من الآية و لقوله تعالى لَمْ يَكَدْ يَرٰاهٰا[5].
و الحقّ: أنّ خبرها منفي مطلقا بدلالة عرفيّة في الإثبات إذ الاقتصار على الإخبار بقربه يؤذن عرفا بعدم حصوله و التزامه في النفي، لأنّ نفي قرب الاسم من الخبر يستلزم عدم فعله إيّاه، و آية الذبح تدلّ على انتفاء القرب منه وقتا ما، و لا ينافيه ثبوته [6] بعده بقوله: فَذَبَحُوهٰا و تخطئة ابن شبرمة و تسليم ذي الرمّة معارضان بتخطئة و تفسير «لَمْ يَكَدْ» ب: لم يرد- كما في أَكٰادُ أُخْفِيهٰا[7]- على ما في «القاموس»- [8] و تنزيله على نفي إرادة الرؤية للعلم بامتناعها بعيد ركيك، إذ الظاهر أنّ المراد- و اللّه يعلم- نفي الرؤية بسبب الرؤية على وجه أبلغ