نام کتاب : مقالة في تحقيق إقامة الحدود في هذه الأعصار نویسنده : السيد الشفتي جلد : 1 صفحه : 144
و أنت إذا تأمّلت في العبارات المذكورة تعلم أنّ ما عزوه إلى ابن إدريس من منعه إقامة الحدود من الفقهاء في هذه الأزمنة غير مقرون بالصحّة، و أنّ الداعي لتلك النسبة الجمود ببعض كلماته من دون تأمّل في السابق عليه و اللاحق به، بل الذي يظهر من مجموع كلماته التي أوردناها في المقام و غيرها أنّ إصراره في الجواز فوق كلام المجوّزين.
و من جميع ما ذكر تبيّن أنّ المخالف في المسألة غير موجود؛ لأنّا لم نجد المخالف في المسألة، و لا نقله ناقل عدا ما علمت به من نسبة الخلاف في كلمات جماعة من الأصحاب إلى ابن إدريس. و قد اتّضح لك الحال في ذلك.
بل نقول: إنّ المتوقّف في المسألة غير ظاهر عدا المحقّق و العلّامة، فإنّ العلّامة في المنتهى ذكر في موضع: «و عندي في ذلك توقف»، لكنّه بعده بفاصلة قليلة قوّى الجواز حيث قال:
قال الشيخان (رحمهما اللّه): يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في حال غيبة الإمام، كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من الضرر- إلى أن قال:- و هو قويّ عندي [1].
مضافا إلى أن فتواه في غالب كتبه التصريح بالجواز من غير تأمّل.
و أمّا المحقّق و قد سمعت ما ذكره في مباحث الأمر بالمعروف من الشرائع و النافع الدالّ على تردّد في المسألة [2]، لكنّ الظاهر منه في مباحث الحدود من الكتابين المصير إلى الجواز، قال في الشرائع:
يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه كحدّ الزنى، أمّا حقوق الناس فتقف إقامتها على المطالبة حدّا كان أو تعزيرا [3].