رغبة فيما عند اللّه عزّ و جلّ، و قال: «ما أحبّ أن ألي أمر أمّة محمّد/ 16/ (ص) على أن يراق في ذلك محجمة دم» [1].
فصالح أهل الشام و ترك الخلافة لمعاوية، على أشياء اشترطها عليه فقبلها منه، و أعطاه إيّاها [2]، و ذلك في جمادى الأولى سنة إحدى و أربعين.
فقال أصحاب الحسن [3]: يا عار المؤمنين، فقال الحسن (رض): «العار خير من النار» [4].
-
- كانوا يفعلون ما يجدونه للّه رضى سواء كان صلحا أو قتالا، كما كان عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، لذلك خاطبهم النبيّ الكريم بقوله: «أنا سلم لمن سالمتم و حرب لمن حاربتم» و لقد صرّح الإمام الحسن بأنّه لم يجد أعوانا يطمئنّ إليهم للاستمرار في محاربة البغاة الطغاة، و إلّا لم يكن يسعه القعود و الهدنة و لو للحظة مع خط النفاق و البغي، و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل: «إنّي لم أجد بدّا من قتال هؤلاء أو الكفر بما أنزل على محمّد (ص)» و قال سلام اللّه عليه أيضا: «إنّ دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز إلّا أن أقيم حقّا أو أدفع باطلا».
[1]- نحوه في درر السمطين: ص 195، و الاستيعاب: 1/ 385.
[2]- حبرا على ورق بعد ما أشهد عليه جمعا من كبار الفريقين، ثم جاء معاوية و صعد المنبر في مسجد الكوفة و قال على رؤس الأشهاد: ما قاتلتكم لتصلوا أو .. و إنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم و إنّ كافة ما أعطيته الحسن من شروط تحت قدميّ هاتين ..، و كان من جملة أهداف الإمام الحسن هو فضح معاوية أمام الملأ، و قد تمّ له ذلك حيث أنّه ركب مركب الغرور و التبجح بالقدرة فكشف عن مكنوناته النفسية لجميع الناس، و عرفت الأمّة أنّه لا يرقب في مؤمن إلّا و لا ذمة، و لا يفي بالعهود و المواثيق و لا يريد إلّا الدنيا، و لا يستهدف إلّا الوصول إلى السلطة بأيّ وسيلة كانت يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ.
و ذكر البلاذري في ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من أنساب الأشراف 52: 56 فكان حضين بن المنذر الرقاشي يقول: ما و فى معاوية للحسن بشيء ممّا جعل: قتل حجرا و أصحابه، و بايع لابنه و لم يجعلها شورى، و سمّ الحسن.
[3]- الاستيعاب: 1/ 386، و الصواب أنّ هذا الكلام لبعض أصحابه.
[4]- و نحو هذا ورد عن أمير المؤمنين و الحسين الشهيد، و مقصودهم به العار الدنيوي و الظاهري-