و قالوا أيضا: غاب من صغره قبل موت أبيه، فكيف بقي إحدى و أربعين سنة و لم يره إلّا آحاد النّاس، فهذا القول متناقض كما تراه.
و كثير من النّاس [1] يزعم أنّه لم يكن للحسن بن عليّ ولد أصلا، و يدلّ عليه أنّه لمّا مات الحسن بن عليّ قام أخوه جعفر بن عليّ بن محمّد يطلب ميراثه، فلو كان للحسن ولد موجود كما زعمت الشيعة و أنّه ما غاب إلّا في سنة ستّ و تسعين و مئتين [2] بعد موت أبيه بست و ثلاثين سنة كيف كان جعفر يطلب ميراث أخيه مع وجود ابنه محمّد و هو يحجبه، فدلّ على عدمه و على بطلان القول بأنّ محمّد بن الحسن بقي إلى هذه المدّة ثمّ غاب.
و قولهم: «إنّه غاب من صغره قبل موت أبيه الحسن»، يرد إمامته، و يقدح فيها، لأنّ الإمامة عندهم لا تثبت إلّا بدعوى أمام الأئمّة [3]، و إظهار المعجزات الخارقة للعادات الدالّة على صدقه، و هو لم يظهر، و لم يره إلّا آحاد النّاس كما قالوا، و لم يدّع الإمامة، و لا له كلام ينقل و لا يؤثر [4]، و لم يظهر على يده شيء من الخوارق، فكيف يكون إماما في آخر الزمان [5].
[1]- الذين تشملهم الآية: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
[2]- قلنا آنفا لم يقل بهذا التاريخ أحد، و أمّا طلب الميراث و التظاهر بعدم وجود وارث له فإمّا أن يكون صدر منه ذلك و على سبيل العناد و إنكار الحقّ فدعواه مرفوضة و هو آثم إن لم يتب منه، و قد روى الكليني و غيره ما يؤيد توبته و أنّ سبيله سبيل إخوة يوسف، و إمّا أن يكون صدر منه ذلك للحفاظ على شخصية الإمام و التستر عليه و إلهاء ظلمة بني العبّاس فيكون عمله عمل الأبرار و المتقين الأخيار الذين يؤثرون رضى اللّه سبحانه حتى على حساب تشويه سمعتهم في الدنيا.