الأصل عموم الوجوب و يحتاج عدمه إلى دليل أو بالعكس، فعلى الأوّل: يحكم بالالتفات إلى الشكّ، و على الثاني: بعدمه.
و أنت خبير بأنّ// (148) ما ذكرنا هيهنا من بناء الكلام على هذا الأصل، و كذا نظيره ممّا تقدم في الإشكال السابق إنّما هو بالنظر إلى الصلاة اللاحقة مثلًا، و إنّما بقي الكلام باعتبار نفس ذلك التكليف اليقيني بهذا الوضوء الذي قد أتى به مرّتين، فنقول حينئذٍ مستدلًا على عدم إجزاء ذينك الوضوءين:
إنّٰا [1] قد علمنا يقيناً أنّا مكلّفون بالإتيان بهذه الأفعال المعهودة امتثالًا للأمر، و بعد ظهور الخلل في أحد [2] الوضوءين لم يعلم الإتيان بجميع هذه الأفعال امتثالًا، لأنّ الوضوء الأوّل يحتمل عدم تماميّته و الوضوء الثاني ليس امتثالًا لأمر [3] كما بينّا فلا بدّ من وضوء آخر ليحصل العلم بالامتثال، قضاءً لحقّ التكليف.
و هذا الاستدلال إنّما يختص بحال بقاء الوقت، و يمكن اطّراده في حال الخروج أيضاً بعدم القول بالفرق، بعكس الاستدلال بالاستصحاب و عموم الآية كما لا يخفى.
و يمكن أن يجاب أوّلًا: بمنع اقتضاء التكليف بشيء أزيد من أن يؤتى بذلك الشيء معتقداً صحّته و إن ظهر الفساد بعد ذلك، و الإتيان ثانياً بعد ظهور الفساد لو كان في بعض المواضع فبتكليف آخر.