و فيه: أنّه كما لا يكون مكلّفاً بالإيقاع على وجه الوجوب فلا دليل على كونه مكلّفاً على وجه الندب أيضاً، لأنّ الأوامر الواردة بالتجديد إنّما يدل على استحبابه حال كونه متطهراً سابقاً لا مظنون التطهّر، إذ الظاهر أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الأمريّة لا المظنونة، و هو على تقدير الخلل في الأوّل منتف، فلا يكون حينئذٍ مستحباً.
و على هذا فلمّا لم يعلم تحقّق شرط التكليف لم يعلم تحقّقه أيضاً، فلم يحصل [1] لنا القطع بأنّ الوضوء الثاني كان صحيحاً، لأنّ صحّته إنّما هو على تقدير كونه امتثالًا لأمر، و تحقّق الأمر غير معلوم.
نعم، لو توضّأ ثانياً لأمر دلّ [2] أمر عام على استحباب الوضوء له [3]، فحينئذٍ لا يبعد القول بالإجزاء، لأنّ العموم دلّ على استحبابه في جميع الأوقات خرج ما إذا علم تحقّق وضوء سابق قبله أو اشتغال ذمّته بوضوء واجب بالإجماع [4]، فبقي ما عداهما، و ما نحن فيه من قبيل ما عداهما.
و لا يخفى أنّه يرد الإشكال في الصورة الرابعة أيضاً، لأنّ تجديد الوضوء وجوباً بالنذر لا يخلو إمّا أن يكون قبل دخول الوقت أو بعده.
فإن كان الأوّل: فنقول: وجوب التجديد إنّما هو بعد صحّة الوضوء الأوّل،