فعلى هذا تفسّر الاستدامة الحكمية بأن لا ينوى نية مخالفة للأولى، إذ على هذا لا جزم ببقاء النية الأولى حتّى يفسّر الاستدامة به، و إن كان محتاجاً إلى المؤثر فحينئذٍ فالجزم ببقاء النية الأولى حاصل، فلذا يفسّر الاستدامة به.
و اعترض عليه صاحب المدارك، بأنّ هذا البناء غير مستقيم، لأنّ أسباب الشرع علامات و معرفات لا علل حقيقية، فيمكن القول بعدم استغناء الباقي عن المؤثر مع عدم اشتراط الاستدامة، فضلًا عن الاكتفاء بالحكمية.
و أنت خبير بما قدمنا أنّ النية ليست من الأسباب الشرعية للوضوء حتّى يقال: إنّها من قبيل العلامات و المعرفات بل من الأسباب العقلية، فاندفع ما أورده.
نعم، يرد على المصنف أنّه خلط الحدوث التدريجي بالبقاء، و كأنّه لإطلاق البقاء على الحدوث التدريجي أيضاً في العرف، لكنّه (لل) المعنى الذي في معرض النزاع، فزعم أنّ بعد حدوث النية يحدث الوضوء و يبقى إلى الآخر، و ليس كذلك بل إنّما يحدث// (94) شيئاً فشيئاً، و مثل هذا الباقي لا بدّ له من سبب إلى آخر وجوده على القولين، فلا يمكن أن يكون بناء كلام من فسّر التفسير الأوّل على عدم الاحتياج إلى السبب، بل إمّا [2] بناؤه على أنّه لا يرى أنّ السبب المستمر مع المسبب إنّما هو إجمال التفصيل السابق بل شيء آخر، أو يقال: إنّ تفسيره هذا لا ينافي بقاء النيّة.