و أنت خبير بما ذكرنا سابقاً بكفاية أحد الأمرين اللذين أراد هما من الطاعة و القربة، بل غيرهما أيضاً ممّا فصّل في بحث القربة.
[و لا يشترط مقارنة النية لابتداء غسل الوجه]
و المقارنة لابتداء غسل الوجه، إذ هو مبدأ الأفعال، فلو أخّر عنه لوقع بعض الأفعال الواجبة بلا نيّة فيكون باطلًا، و ببطلان الجزء يبطل الكلّ، و كذا لو قدّم و لم يبق إلى الشروع، إذ حينئذٍ يقع جميع الأفعال بلا نيّة.
و اعلم أنّ هيهنا إشكالًا سنذكره إن شاء اللّٰه تعالى في بحث استدامة حكم النيّة.
[و يجوز تقديمها عند غسل اليدين مستحباً و عند المضمضة و الاستنشاق]
و يجوز تقديمها عند غسل اليدين مستحباً، و عند المضمضة و الاستنشاق: المشهور بين الأصحاب جواز تقديم النيّة عند غسل اليدين استحباباً للوضوء، و أولى منه عند المضمضة و الاستنشاق، لقربهما من الواجب؛ و وجهه أنّها من جملة أفعاله، فجاز إيقاع النيّة عندها.
و حكم في المنتهي باستحباب التقديم، ليشمل النيّة أفعال الوضوء الواجبة و المندوبة.
و جوّز ابن إدريس التقديم عند غسل اليدين في الغسل دون الوضوء، و جوّز في الوضوء التقديم عند المضمضة و الاستنشاق معلّلًا بأنّهما من جملة العبادة، و كأنه جعل غسل اليدين مستحباً خارجاً لا من جملة أفعال الوضوء، و ليس ببعيد، لكن جعله في الغسل داخلًا دون الوضوء بعيد.