لا خلاف بين علمائنا في جواز المسح ببقيّة البلل، خلافاً للعامّة، فإنّهم أوجبوا استئناف الماء الجديد، سوى مالك فإنّه أجاز المسح بالبقية.
و كذا لا خلاف بيننا أيضاً- كما هو الظاهر في وجوب المسح بالبقية و عدم جواز الاستيناف عند بقاء النداوة على اليد.
و أمّا عند جفاف اليد فالمشهور أيضاً عدم جواز الاستيناف، بل يؤخذ من اللحية و نحوها لو كان بها بلّة، و يستأنف الوضوء لو جفّ أيضاً.
نعم، جوّزوا في حال الضرورة كإفراط الحرّ مثلًا بحيث لا يقدر على المسح ببقية الوضوء أن يستأنف ماءً جديداً.
و قد نقلوا عن ابن الجنيد ما يدل بظاهره على جواز الاستيناف عند جفاف اليد مطلقا، سواء وجد بلل على اللحية و نحوها أو لا، و سواء كان في حال الضرورة أو لا، لكن يظهر من كلام بعض الأصحاب أنّ خلافه إنّما هو حال جفاف جميع الأعضاء، و حينئذٍ فلفظة اليد في كلامه إنّما هي على سبيل التمثيل.
فإن قلت: سيجيء أنّ ابن الجنيد حاكم ببطلان الوضوء مع الجفاف، فكيف يصح منه الحكم بجواز الاستيناف حال الجفاف؟
قلت: سيجيء أيضاً أنّه لا يحكم بالبطلان إذا كان الجفاف لضرورة، فحينئذٍ يمكن الحكم منه بجواز الاستيناف حال الجفاف.