لكنه يندفع بأن الحكم عليهم في الآية بالشرك إن كان من أجل نسبتهم الولد له تعالى فليس هو على نحو الحقيقة، لأن مجرد نسبة الولد ليس شركا. و كذا إن كان من أجل اتخاذهم أحبارهم و رهبانهم أربابا. إذ لا يراد به إشراكهم به تعالى في الألوهية و العبادة، بل في الطاعة، كما في صحيح أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في قول اللّه عز و جل: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ. فقال: و اللّه ما صاموا لهم و لا صلوا لهم، و لكن أحلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا فاتبعوهم»[1].
نعم، لا إشكال في ابتناء التثليث عند طائفة من النصارى على نحو من الشرك. و كذا ما ينسب للمجوس من القول بألوهية يزدان و أهرمن، أو النور و الظلمة.
إلا أنهمع عدم اطراده في جميع أهل الكتابمخالف للظاهر من المشركين في الآية المتقدمة، بضميمة الآيات الكثيرة المتضمنة مقابلة أهل الكتاب و المجوس للمشركين، و خصوص ما في سورة التوبة من افتتاحها بالبراءة من المشركين و تتابع أحكامهم فيها بما في ذلك الحكم الذي تضمنته هذه الآية، ثم التعرض لحكم أهل الكتاب و الاكتفاء منهم بالجزية.
و مثله الاستدلال على الثانيو هو عموم المسجد الحرام لجميع الحرم- بقوله تعالى في ذيل الآية المتقدمة: وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، بدعوى: أنهم خافوا العيلة لعدم جلب المشركين الميرة للحرم، أو
[1] وسائل الشيعة ج: 18 باب: 10 من أبواب صفات القاضي حديث: 3.