نعم، لو كذّب الحالف نفسه جاز للمدّعي مطالبته بالمال، فإن امتنع حلّت له المقاصّة من أمواله (1).
الثالثة: سكوت المدّعى عليه، فيطالب المدّعى بالبيّنة، فإن لم يقمها ألزم الحاكم المدّعى عليه بالحلف إذا رضي به المدّعى و طلبه (2)، فإن حلف فهو،
الاستحلاف و صدور الحلف من المنكر عفواً، و بذلك يرتفع التعارض بينهما.
(1) و ذلك فإنّ الإقرار يبطل اليمين بلا خلاف ظاهر، بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه.
و ما دلّ من الأخبار على أنّ اليمين تذهب بحقّ المدّعى منصرف عن صورة تكذيب الحالف نفسه جزماً، فيكون الإقرار حجّة على المقرّ.
و يدلّ على ذلك صريحاً ما رواه الصدوق بإسناده عن مسمع أبي سيّار، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): إنّي كنت استودعت رجلًا مالًا فجحدنيه، و حلف لي عليه، ثمّ إنّه جاءني بعد ذلك بسنتين بالمال الذي أودعته إيّاه، فقال: هذا مالك فخذه، و هذه أربعة آلاف درهم ربحتها، فهي لك مع مالك، و اجعلني في حلّ، فأخذت منه المال و أبيت أن آخذ الربح منه، و رفعت المال الذي كنت استودعته و أبيت أخذه حتى أستطلع رأيك، فما ترى؟ «فقال: خذ نصف الربح، و أعطه النصف، و حلّله، فإنّ هذا رجل تائب، و اللّٰه يحبّ التوّابين» [1]. و الرواية صحيحة و إن كان في طريقها القاسم بن محمّد، فإنّه ثقة على الأظهر.
(2) فإنّ الحلف وظيفة المدّعى عليه، و لا يكون القضاء إلّا بالبيّنة أو الحلف.
نعم، إذا لم يرض المدّعى بحلف المدّعى عليه و أراد تأجيل الدعوى لغرضٍ
[1] الوسائل 23: 286/ كتاب الأيمان ب 48 ح 3، الفقيه 3: 194/ 882.