نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 199
عند الملك منهم ذاكر بلسانه أو على لسان غيره ما يريد به تحميل [1] الملك عليّ أن لا يعجل في أمري، و أن يتثبّت فيما يرفع إليه و يذكر عنده من ذلك و يفحص عنه ثمّ ليصنع ما بدا له، فإذا وثقت منه بذلك أعنته بنفسي فيما يجب و عملت له فيما أولاني بنصيحة و اجتهاد، و حرصت على أن لا أجعل له على نفسي سبيلا. قال الأسد: لك عليّ ذلك و زيادة. ثمّ ولاّه خزائنه و اختصّ به دون أصحابه و زاد في كرامته.
فلمّا رأى أصحاب الأسد ذلك غاظهم و ساءهم فأجمعوا كيدهم و اتّفقوا كلّهم على أن يحمّلوا عليه الأسد، و كان الأسد قد استطاب لحما فعزل منه مقدارا و أمر ابن آوى بالاحتفاظ به و أن يرفعه في أحصن موضع طعامه و أحرزه ليعاد عليه. فأخذوه من موضعه و حملوه إلى بيت ابن آوى فخبّئوه و لا علم له به ثمّ حضروا ليكذّبوه إن جرت في ذلك حال. فلمّا كان من الغد و دعا الأسد بغدائه فقد ذلك اللّحم و التمسه فلم يجده.
و ابن آوى لم يشعر بما صنع في حقّه من المكيدة، فحضر الذين عملوا المكيدة و قعدوا في المجلس، ثمّ إنّ الملك سأل عن اللّحم و شدّد فيه و في المسألة عنه فنظر بعضهم إلى بعض.
فقال أحدهم قول المخبر النّاصح إنّه لا بدّ لنا أن نخبر الملك بما يضرّه و ينفعه و إن شقّ ذلك على من يشقّ عليه. و إنّه بلغني أنّ ابن آوى هو الذي ذهب باللّحم إلى منزله. قال الآخر: لا أراه يفعل هذا. و لكن انظروا و افحصوا فإنّ معرفة الخلائق شديدة. فقال الآخر: لعمري ما تكاد السّرائر أن تعرف، و أظنّكم إن فحصتم عن هذا وجدتم اللّحم في بيت ابن آوى، و كلّ شيء يذكر من عيوبه و خيانته نحن أحقّ أن نصدّقه. قال الآخر: لئن وجدنا هذا حقّا فليست بالخيانة فقط و لكن مع الخيانة كفر النّعمة و الجرأة على الملك. قال الآخر: أنتم أهل العدل و الفضل لا أستطيع أن