نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 200
أكذّبكم، و لكن سيبين هذا لو أرسل الملك إلى بيته من يفتّشه. قال الآخر: إن كان الملك مفتّشا منزله فليعجّل فإنّ عيونه [1] و جواسيسه مبثوثة بكلّ مكان. و لم يزالوا في هذا الكلام و أشباهه حتّى وقع في الأسد ذلك، فأمر بابن آوى فحضر.
فقال له: أين اللّحم الذي أمرتك بالاحتفاظ به؟قال دفعته إلى صاحب الطّعام ليقرّبه إلى الملك، فدعا الأسد بصاحب الطّعام و كان ممّن شايع و بايع [2] مع القوم على ابن آوى فقال: ما دفع إليّ شيئا، فأرسل الأسد أمينا إلى بيت ابن آوى ليفتّشه فوجد فيه ذلك اللّحم فأتى به إلى الأسد، فدنا من الأسد ذئب لم يكن يتكلّم في شيء من ذلك و كان يظهر أنّه من العدول [3] الذين لا يتكلّمون فيما لا يعلمون حتّى يتبيّن لهم الحقّ. فقال: بعد أن اطّلع الملك على خيانة ابن آوى فلا يعفونّ عنه فإنّه إن عفا عنه لم يطّلع الملك بعدها على خيانة خائن و لا ذنب مذنب. فأمر الملك بابن آوى أن يخرج و يحتفظ به. فقال بعض جلساء الملك: إنّي لأعجب من رأي الملك و معرفته بالأمور كيف يخفى عليه أمر هذا و لم يعرف خنّه و مخادعته، و أعجب من هذا أني أراه سيصفح عنه بعد الذي ظهر منه.
فأرسل الأسد بعضهم رسولا إلى ابن آوى يلتمس منه العذر، فرجع إليه الرّسول برسالة كاذبة اختلقها [4] فغضب الأسد من ذلك و أمر بابن آوى أن يقتل، فعلمت أمّ الأسد أنّه قد عجل في أمره فأرسلت إلى الذين أمروا بقتله أن يؤخّروه، و دخلت على ابنها فقالت: يا بنيّ بأيّ ذنب أمرت بقتل ابن آوى؟فأخبرها بالأمر فقالت: يا بنيّ عجلت و إنّما يسلم العاقل من النّدامة بترك العجلة و بالتّثبّت، و العجلة لا يزال صاحبها يجتني ثمرة الندامة بسبب ضعف الرّأي و ليس أحد أحوج إلى