نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 2 صفحه : 693
و قال ابن أبي حازم: كنت عند جعفر بن محمّد (عليهما السلام) إذ جاء آذنه (1) فقال: سفيان الثوري بالباب، فقال: ائذن له، فدخل فقال له جعفر: يا سفيان إنّك رجل يطلبك السلطان و أنا أتّقي السلطان قم فاخرج غير مطرود، فقال سفيان: حدّثني حتّى أسمع و أقوم فقال جعفر: حدّثني أبي عن جدّي أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قال: من أنعم اللّه عليه نعمة فليحمد اللّه، و من استبطأ الرزق فليستغفر اللّه، و من حزنه أمر فليقل: لا حول و لا قوّة إلّا باللّه، فلمّا قام سفيان قال جعفر: خذها يا سفيان ثلاثا و أيّ ثلاث.
و قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمّد و عليه جبّة خزّ دكناء (2) و كساء خز، فجعلت أنظر إليه متعجّبا، فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا لعلّك تعجب ممّا ترى؟
فقلت له: يا بن رسول اللّه ليس هذا من لباسك و لا لباس آبائك، قال: يا ثوري كان ذلك زمان إقتار و افتقار، و كانوا يعملون على قدر إقتاره و افتقاره، و هذا زمان قد أسبل كلّ شيء عزاليه (3)، ثمّ حسر ردن جبّته (4)، فإذا تحتها جبّة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل و الردن عن الردن، و قال: يا ثوري لبسنا هذا للّه تعالى و هذا لكم، فما كان للّه أخفيناه، و ما كان لكم أبديناه.
و قال الهياج بن بسطام: كان جعفر بن محمّد يطعم حتّى لا يبقى لعياله شيء، و كان يقول (عليه السلام): لا يتمّ المعروف إلّا بثلاثة: تعجيله، و تصغيره، و ستره.
و سئل (عليه السلام) لم حرّم اللّه الربا؟ قال: لئلّا يتمانع الناس المعروف.
و ذكر بعض أصحابه قال: دخلت على جعفر و موسى ولده بين يديه و هو يوصيه بهذه الوصيّة، فكان ممّا حفظت منه أن قال: يا بني احفظ (5) وصيّتي و احفظ مقالتي فإنّك إن حفظتها تعش سعيدا و تمت حميدا.
يا بني إنّه من قنع بما قسّم له استغنى، و من مدّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، و من لم يرض بما قسّم اللّه له عزّ و جلّ اتّهم اللّه تعالى في قضائه، و من استصغر زلّة نفسه
(3) أسبل الدمع: أرسله. العزالي جمع العزلاء: مصب الماء من الرواية و نحوها يقال: أرخت السماء عزاليها إشارة إلى شدّة وقع المطر و استعار (عليه السلام) لوجوه الأشياء بفم المزادة.