و من خصائصه العالية، و خصاله الغالية، أنه كان امام كل جبّار جريئا و جسورا، لم يبال في احقاق الحق أحدا و لو كان سلطانا قسورا، حتى اشتهر على ألسن الناس تلك المكالمات الجريئة، التى جرت بينه و بين «نادر شاه» المشهور بجبروته في البرّية، و ذلك حينما ورد شوشتر الخصب، و همّ بأهلها من التخريب و السلب و الغصب، فكلّمه بكلام زاجر على مناكره، غير مكترث الى بوادره، فصار سدّا منيعا بينه و بين الضعاف، و نحّاه عن التعدّي و الاعتساف.
و كذا كان حاله في حماية الرعايا و العوام، فكان يحول دائما بينهم و بين الحكام الطغام، و انّ أهل شوشتر كانوا في أمن و عافية في عهده، كما يكون الطفل المدلّل في كنف أبيه و مهده.
بذله و سخاؤه
انه كان مرجعا عامّا بعد وفاة أبيه، و رئيسا هامّا لأهل شوشتر و نواحيه، فكان له امكان أن يجمع لنفسه و ولده من زخارف الدنيا و زبرجها، أزيد مما كان يقدر عليه أدنى تلامذته، لكنّه بذل و أعطى بملء كفّيه، و لم يبق من مال الدنيا لا من خلفه و لا بين يديه، و لم يدّخر من مال اللّه درهما و لا دينارا، و كيف يفعله من يقدّم غيره على نفسه ايمانا و ايثارا، لأنّ بيته كان مقصدا عاما للفقراء و المعدمين، و ملجأ خاصّا للعلماء و المتألّهين، لم يبت الا بعد تفقّد الحال عن المحتاجين، و لم يرفع لقمة لنفسه الا بعد اطعام الأيتام و المساكين، كما قال الشاعر:
كفى بك عارا أن تبيت ببطنة * * * و حولك أكباد تحنّ الى القدّ
و اني لعبد الضيف ما دام نازلا * * * و ما من خلالي غيرها شيمة العبد
فصاحته و بلاغته
كان في حسن بلاغته و عذوبة تقريره، مزريا البلغاء المصقعين، و في صفاء