قال بعض: إن السبب الذي دعا (شيخنا الأعظم) لمغادرة وطنه المألوف، و مجاورة (النجف الأشرف): هي الاستفادة الكاملة من جهابذة علمائها الأفذاذ، و نوابغها الأعلام الذين هم أساطين العلم و عليهم بنيت ركائزه، حيث كان (شيخنا الأعظم) كثير الولع بالاحاطة البالغة على المباني الفقهية و الأصولية من مصدرها، و لذا كان كلما يسمع عن شخصية علمية فذة في صقع من الأصقاع الشيعية الذي يمكن الوصول إليه: يشد الرحال نحوه، ليستفيد منه إن كان أهلا للإفادة، و إلا تركه من غير أن يشعر بذلك، أو يلتفت ذلك العالم بما قصده الشيخ كما عرفت في رحلاته و أسفاره فغادر (شيخنا الأعظم) بلاده بهذه الغاية التي هي غاية مهمة ليس فوقها غاية أخرى لمنهوم العلم، و لا سيما (شيخنا الأنصاري).
فهذه الحكاية هي القريبة للصواب.
دخل (شيخنا الأنصاري) (النجف الأشرف) عام 1249 و كان العلمان الفقيهان (الشيخ علي) كاشف الغطاء، (و الشيخ محمد حسن) صاحب الجواهر زعيمي الحوزة العلمية، غير أن الأول منهما هو المتفرد في المرجعية الكبرى و أمر التقليد.
حضر (شيخنا الأنصاري) معهد بحث هذا العملاق العظيم و اختص به، لغزارة علمه، و تبحره في الفقه و مبانيه، حيث كان يكشف القناع عن غوامض الأسرار، و يحقق لتلامذته مشكلات المسائل، و ينثر الدر و الجوهر على يدي مجتنيهما.
استفاد الشيخ من درس هذا الفقيه العظيم خمسة أعوام من عام 1249 إلى عام 1254 و هي سنة وفاة (الشيخ علي كاشف الغطاء) فبلغ