و أنت ترى أيها القارئ النبيل: عدم انسجامها مع المنطق و العقل و الواقع، إذ كل مدينة لا تخلو من صالح و طالح، و فاسق و فاجر حتى مدينة (الرسول الأعظم) (صلى اللّه عليه و آله) التي هي مهبط الوحي، و مركز التنزيل، فكل مدينة فيها الأسر و البيوتات و الرجال و الشخصيات لهم ميول و اتجاهات كل منهم يريد تنفيذها حسب متطلباته، سواء أ كان المسئول من رجال الدين أم الدولة.
بل هناك قضايا أغرب من هذه، و للتوسع فيها راجع كتب السير و التواريخ تجد صحة ما قلناه.
فلو بنينا على مغادرة البلاد لوجود هؤلاء المتنفذين، و لأمثال هذه القضايا البسيطة لم يبق حجر على حجر، و لأدت البلاد إلى انهيار خلقي أكثر مما يحدث و هم في البلاد، فاللازم على (شيخنا الأنصاري) و زملائه الكرام، و بقية رجال الدين الذين أوجب اللّه عليهم تبليغ الأحكام و تهذيب الأخلاق: الثبات و المقاومة حتى يتمكنوا من إصلاح المفسدين و إرشاد العوام، و توجيههم نحو الخير توجيها صحيحا.
فمغادرتهم البلاد، و تسليمها إلى هؤلاء الجهال و الفساق فرار عن مسئوليتهم الخطيرة المتوجهة إليهم. فتكون مغادرتهم في الحقيقة و الواقع هربا عن الوظائف الشرعية، و تعطيلا للأحكام الإلهية، و هو مستبعد من أمثال هؤلاء العظام الذين هم المثل العليا في التقوى و الصلاح، و التضحية و الارشاد.