(شيخنا المترجم) أسنى درجة الاجتهاد، و أعلى قمة الاستنباط فأصبح غنيا عن الكل.
الاجتهاد:
و لما انجر الكلام بنا إلى (الاجتهاد) فلا بأس بالاشارة الإجمالية إلى معناه لغة و اصطلاحا، و إلى أقسامه، ثم ذكر التقليد و المقلد فنقول و على اللّه التوفيق.
أما لغة (فالاجتهاد) مصدر باب الافتعال من اجتهد يجتهد.
و معناه: مزاولة العمل و مدارسته إن كان مشتقا من الجهد بالفتح أو استفراغ الطاقة، و بذل الوسع في عمل إن كان مشتقا من الجهد بالضم، و بهذه المناسبة يقال لمن بلغ مرتبة سامية، و درجة رفيعة: المجتهد حيث يستفرغ طاقته، و يبذل جهده في سبيل تحصيل ملكة الاستنباط.
و أما اصطلاحا أي في لسان أهل الشرع و المتشرعة فإنه مختص و معين لخصوص الملكة التي بها يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية الفرعية و يستفرغ الوسع لاستخراج كل حكم فرعي من أصله فهي المدار و القطب و المناط في تحقق الاجتهاد ليس إلا، سواء أ كان معها فعلية الاستنباط أم لا.
و هذه الملكة هي قوة تحصل بعد القدرة الكاملة، و الإحاطة البالغة على جميع منابع الأحكام، و مدارك الاجتهاد من علم اللغة و الصرف، و النحو و المعاني و البيان، و المنطق و الكلام، و التفسير و الحديث و الرجال، و علم الأصول الذي لا غنى عنه بشيء منه، إذ هو الأصل في الفقه.
(و كل الصيد في جوف الفراء)، و قليل من علم الحساب و الهيئة و الهندسة، بالإضافة إلى ما ذكرناه من علم الفقه.
و كل هذه العلوم بقدر الحاجة و الضرورة. لأن الأصل في هذه